للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مصنوعا، ويكون ذلك إمّا لأن متأخّرا قصّر عن متقدم، وإمّا لأن هدي متأخّر لشيء لم يهتد إليه المتقدّم.

ومثال ذلك قول المتنبّي: [من السريع]

بئس اللّيالي سهدت من طربي ... شوقا إلى من يبيت يرقدها «١»

مع قول البحتري: [من الكامل]

ليل يصادفني ومرهفة الحشا ... ضدّين أسهره لها وتنامه «٢»

وقول البحتري: [من البسيط]

ولو ملكت زماعا ظلّ يجذبني ... قودا لكان ندى كفّيك من عقلي «٣»

مع قول المتنبي: [من الطويل]

وقيّدت نفسي في ذراك محبّة ... ومن وجد الإحسان قيدا تقيّدا «٤»

وقول المتنبي: [من الكامل]

إذا اعتلّ سيف الدّولة اعتلّت الأرض ... ومن فوقها والبأس والكرم المحض «٥»


(١) البيت له في ديوانه (ص ٥٠)، والتبيان (١/ ٢٠٦)، وجاءت الرواية بلفظ: «سهدت» بدلا من «سهرت»، وبئس للذّم. سهدت: سهرت. أي: أنا أسهر الليالي أرقا متشوقا إلى الحبيب الذي ينام ملء عينيه وهو غير مشوق لي. فهو يذم الليالي التي سهر فيها ولم ينم لما أخذه من القلق وخفة الشّوق إلى من يحب.
(٢) يمدح به ابن بسطام (الديوان ٣/ ٢٠٣٧).
(٣) الزّمع والزّماع: المضاء في الأمر والعزم عليه ويقال: أزمعت الأمر ولا يقال أزمعت عليه والزّماع هنا العزم على الرحيل. والعقل: جمع عقال وهو الحبل الذي يشدّ به البعير.
(٤) البيت في ديوانه (٢/ ١٢٧)، والتبيان (١/ ٢٠٢)، والبيت من قصيدة يمدح فيها سيف الدولة ويهنئه بعيد الأضحى سنة اثنتين وأربعين وثلاث مائة (٩٥٣ م) وأنشده إياها في ميدانه بحلب وهما على فرسيها والقصيدة مطلعها:
لكل امرئ من دهره ما تعوّدا ... وعادة سيف الدولة الطعن في العدى
والذري الستر والكنف، والمعنى: يقول: أقمت عندك حبالك وبين سبب الإقامة بالمصراع الأخير وأن إحسانه إليه هو الذي قيده وفيه نظر إلى قول الطائي:
وتركي سرعة الصدر اغتباطا ... يدل على موافقة الورود
وكقوله:
هممي معلقة عليك رقابها ... مغلولة أن الوفاء إسار
(٥) البيت له في ديوانه (٢/ ١١٤)، وفي شرح التبيان على ديوان للعكبري (١/ ٤١٤)، وهو مطلع قصيدة قالها في سيف الدولة يعوده من مرض، اعتل: مرض، ومن فوقها: البشر، والمحض:
الخالص، واليأس: الشدة والسّطوة. والمعنى: إذا اعتل سيف الدولة اعتلت لعلته الأرض ومن

<<  <   >  >>