للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انظر إلى التنكير في قوله «كأن رماحا».

ومثل قول ابن البواب: [من مجزوء الوافر]

أتيتك عائذا بك من ... ك لمّا ضاقت الحيل

وصيّرني هواك وبي ... لحيني يضرب المثل

فإن سلمت لكم نفسي ... فما لاقيته جلل

وإن قتل الهوى رجلا، ... فإني ذلك الرّجل «١»

انظر إلى الإشارة والتعريف في قوله: «فإني ذلك الرجل».

ومثل قول عبد الصمد: [من السريع]

مكتئب ذو كبد حرّى ... تبكي عليه مقلة عبرى

يرفع يمناه إلى ربّه ... يدعو، وفوق الكبد اليسرى «٢»

انظر إلى لفظة: «يدعو» وإلى موقعها.

ومثل قول جرير: [من الكامل]

لمن الدّيار ببرقة الرّوحان ... إذ لا نبيع زماننا بزمان

صدع الغواني؛ إذ رمين، فؤاده ... صدع الزّجاجة، ما لذاك تدان «٣»

انظر إلى قوله: «ما لذاك تدان»، وتأمّل حال هذا الاستئناف.

ليس من بصير عارف بجوهر الكلام، حسّاس متفهّم لسرّ هذا الشأن، ينشد أو يقرأ هذه الأبيات، إلّا لم يلبث أن يضع يده في كل بيت منها على الموضع الذي أشرت إليه، يعجب ويعجّب ويكبر شأن المزيّة فيه والفضل.


(١) الأبيات في الأغاني (٦/ ١٧٨)، منسوبة إلى سليم بن سلام الكوفي المغني صاحب إبراهيم الموصلي.
(٢) هو «عبد الصمد بن المعذل» والشعر في ديوانه المجموع، وهي في الزهرة (١/ ٢٤)، أربعة أبيات هذان ثم بعدهما:
يبقى إذا كلّمته باهتا ... ونفسه ممّا به سكرى
تحسبه مستمعا ناصتا ... وقلبه في أمة أخرى
(٣) البيتان لجرير في ديوانه وهما على غير هذا الترتيب، وجاء الثاني برواية لفظها:
صدع الظعائن يوم بنّ فؤاده ... صدع الزجاجة، ما لذاك تدان

<<  <   >  >>