Volkerwanderung أي (هجرة الشعوب)، والتي تحطمت مرات على الحدود، إلى أن استطاعت أن تحطم كل شيء في طريقها.
إن من الممكن أن نقف عند هذا الجانب، أما إذا أردنا دراسة أسباب مد تلك الشعوب، فسنجد أنفسنا أمام عملية متسلسلة في عناصر تكونها، توجد خارج المجال الروماني والمجال الجرماني.
ففي نص ساقه إلينا المؤرخ (بيير ريشيه Pierre Richèe)، وصف القديس (أمبرواز Ambroise) الحالة التي نتحدث عنها كما رآها فقال: ((انقضت قبائل الشعوب الهونية على القبائل الجرمانية القاطنة على حدود روسيا les Alains وانقضّ هؤلاء على القوط، وحين جلا القوط عن بلادهم زحفوا علينا فأجبرونا على الهجرة إلى إقليم الليريا، وليس هذا هو كل شيء ... الخ)).
فمن هذا نرى أن الموجة التي أغرقت الإمبراطورية الرومانية، لم تتولد في النطاق الإمبراطوري أو في النطاق الجرماني، بل هنالك بعيداً، في شمال آسيا.
فإذا أضفنا إلى ذلك، أن سقوط أسرة (الهان) في الصين فجر القرن الثالث، هو الذي حرك قبائل (الهون) الذين استهوتهم الإمبراطورية الصينية في فترة من فترات أزماتها، وأن قبيلة المغول المسماة Toun-gouses هي التي حولت هجرة الشعوب الهونية نحو الغرب، أدركنا بذلك أن الأسباب الرئيسية التي حتمت نهاية الإمبراطورية الرومانية إنما تكمن وراء (مجال الدراسة) الذي يقدم عادة تفسير أحداث التاريخ في الغرب.
وهكذا نرى أن تأثير (رد الفعل) الذي حدث في سفح سور الصين قد استغرق قرنين من الزمان، قبل أن يصل إلى حدود االإمبراطورية الرومانية.
فهناك إذن خلف الأسباب القريبة أسباب بعيدة، تخلع على تفسير التاريخ طابعاً ميتافيزيقياً أو كونياً، أياً ذلك كان.