وفي خاتمة هذه الدراسة أشعر تماماً أن جزءاً آخر ينقصها، وهو إيضاح بعض الجوانب الجوهرية التي آثرت تركها خلال دراستي، خضوعاً لأحكام المنهج الذي اتبعته، ولست أملك هنا سوى أن أشير إلى هذه الجوانب، تاركاً لغيري مهمة معالجتها كما ينبغي.
فلقد ظل العالم الإسلامي، خلال قرون طويلة، متجمداً في أشكال سبق الحديث عنها، وهي التي أدت إلى وجود القابلية للاستعمار في مجتمع ما بعد الموحدين، الذي أدى إلى وجود الاستعمار. واليوم يتحرك العالم الإسلامي نحو الغد الأمول، أو بعبارة أخرى: إن تاريخه قد استعاد حركاته، ودبت فيه الحياة، إذ أصبح في وضع متحرك، وتكشفت له بعض الآفاق منذ قريب.
والعجيب أن مفهوم كلمة ( Vocation) التي اخترناها عنواناً للكتاب يدل على هذين الجانبين: ((أعني ظروف حدوث حركة معينة، وسعيها إلى غايتها بواسطة المجتمع الإنساني الذي يوجد في هذه الظروف)).
فهل يمكننا أن نتحدث عن وجهة للعالم الإسلامي بهذا المعنى المزدوج .. ؟
الحق أن العالم الإسلامي يبدو بعيداً عن إدراك مآله الروحي، هذا إذا ما استثنينا الحركة الأخيرة، التي أشرنا إليها، فهي التي يبدو أنها قد حاولت أن تتخذ لنفسها اتجاهاً مفهوماً في أعماقه.
لكنا نذهب على أية حال، إلى أنه مهما يكن أمر الفوضى الراهنة في العالم الإسلامي، فمن الممكن أن نتلمس فيه اتجاهين ليسا في طبيعة واحدة: