للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهيئة جميلة، إذا ركب مشى معه نحو ثلاثمائة مشتغل على اختلاف مطالبهم فى التفسير والفقه والكلام والأصول والطب وغير ذلك، فكان فريد عصره، ومتكلم زمانه» (١) وكلام الذهبى يغنى وإن كان النص فيه مبالغة، لكنها مقبولة فى زمن كاد فيه العالم أن يكون رسولا، يأخذ الناس عنه، ويتعلم الجميع منه وبخاصة تلك البلاد المحبة للدين، المتعطشة للحكمة والفلسفة.

والرازى من بيت علم، وصاحب علم، فلا مانع من ملاحقة طلبة العلم له، فى كل وقت كى ينالوا مما عنده، ويزدادوا مما حباه الله تعالى به من علوم وفنون مجتمعة فى شخص واحد، وهى ميزة ينفرد بها القلائل من العلماء، والأفذاذ من الرجال، ومن هنا فقد صدق من سماه (٢) بإمام الدنيا فى عصره، وحق له ذلك وزيادة، فسبحان الله القائل: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً [الشرح: ٥، ٦]، ولن يغلب عسر واحد يسيرين أبدا، والرازى أهل للخير والعلم، فجمع الله تعالى له بين الثراء المادى والعلمى كى يتفرغ للعلم والدفاع عن الدين بما أوتى من ذكاء وفطنة ورجحان عقل، وغلبة حجة على المارقين عن الإسلام والخارجين عن طاعة الله تعالى، وذلك من خلال الحكمة والموعظة الحسنة: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [النحل: ١٢٥].


(١) الذهبى: العبر ٣/ ١٤٣.
(٢) ابن الأثير: الكامل ٩/ ٣٠٢.

<<  <   >  >>