للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فى العمل وكذلك الدعاء وحسن الخاتمة للذين يحبون أن يزيد الخير، ويكثر المعروف بين الناس أحياء وأمواتا، وكأنه يعلم درسا سلوكيا لمن يأتون بعده يربيهم على التأسى بالقدوة، والأخذ بالسنة، فما صنعه من كتب، وما ألفه من أفكار فهى لوجه الله تعالى وهذا العمل خير ما يختم به المرء حياته، وأفضل ذخيرة يدافع بها الإنسان هذه الدنيا وزينتها وزخرفها كى ينجو فى الآخرة، ويسعد فى الجنة بما قدم من علم وولد ودعاء صالح من الذين سبق فضله عليهم.

وبذلك تنتهى حياة هذا العالم فى دنيا العناء والتعب بعد أن قدم للناس فنونا متعددة من العلوم والكتب، والمناظرات والأفكار، والمواعظ، والخطب باللغة العربية وغيرها من اللغات الأخرى، مما كان له الأثر البالغ فى شهرته، فمن الناس من مدحه وزكّاه، ومنهم من ذمه وهجاه فيما قدم ولم يلتمس له عذرا فيما اجتهد فيه، وهذه هى سنة الحياة أن يموت الإنسان ويبقى ما قدم ظاهرا أمام الناس ليشهدوا عليه خيرا كان أو شرا، وسبحان الله القائل وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ، وهكذا ذهب الكوكب العربى فى الأفق الأعجمى (١)، تاركا وصيته تدفع عنه ما وقع فيه، وتدافع عنه فيما أحسن فيه.

...


(١) محمد الفاضل بن عاشور: التفسير ورجاله ٨٢.

<<  <   >  >>