للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصَّابِرِينَ [الأنفال: ٦٦]. فإن الآية نسخت حكم ثبات الواحد لعشرة، لأن التخفيف نفى للثقل المذكور فى قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ [الأنفال: ٦٥] (١).

وأما أن تأتى الآية بالضد للحكم الأول الذى استقر، كتحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة فى قوله تعالى قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ [البقرة: ١٤٤] فالتوجه إلى الكعبة ضد التوجه إلى بيت المقدس.

وأما التاريخ الذى يعلم به النسخ، فقد يعلم باللفظ أو بغيره، أما اللفظ، فإذا قال الراوى أحد الخبرين قبل الآخر.

وأما بغير اللفظ فعلى وجوه: (٢).

١ - أن يقول الراوى هذا الخبر ورد سنة كذا وهذا فى سنة كذا.

٢ - أن يعلق أحدهما على زمان معلوم التقدم، والآخر بالعكس، كما لو قال: كان هذا فى غزوة بدر، والآخر فى غزوة أحد، وهذه الآية نزلت قبل الهجرة، والأخرى بعدها.

٣ - أن يروى أحدهما رجل (٣) متقدم الصحبة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم،


(١) د. مصطفى زيد: النسخ فى القرآن ١/ ٢٠٧.
(٢) الرازى: المحصول ١/ ٣/ ٥٦٢.
(٣) الرازى: المحصول ١/ ٣/ ٥٦٣ - ٥٦٦.

<<  <   >  >>