استمراراً لمعمودية المعمدان، وهي البشارة بالتوبة ومغفرة الخطايا فإن المسيح دعا - بعد حادثة الصلب والقيامة - كل واحد من تلاميذه "أن يُكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا"(لوقا ٢٤/ ٤٧)، فلم تختلف معموديته - عليه السلام - عن معمودية المعمدان في شيء. (انظر يوحنا ٣/ ٢٢ - ٢٣).
واستمر تلاميذه بعده يعمدون بالماء كما كان المعمدان يعمد، ولما جاء بولس إلى جاء إلى أفسس، فإذ وجد تلاميذ قال لهم: هل قبلتم الروح القدس لما آمنتم. قالوا له: ولا سمعنا أنه يوجد الروح القدس. فقال لهم: فبماذا اعتمدتم؟ فقالوا: بمعمودية يوحنا. فقال بولس: إن يوحنا عمد بمعمودية التوبة قائلاً للشعب أن يؤمنوا بالذي يأتي بعده، أي بالمسيح يسوع، فلما سمعوا اعتمدوا باسم الرب يسوع" (أعمال ١٩/ ١ - ٥)، ولو كان للمسيح - عليه السلام - تعميد يخالف ما عليه تعميد المعمدان - عليه السلام - لعرف بين التلاميذ وشاع.
كما وصف المعمدان النبي القادم بعده بأنه " أقوى مني"، وليس في دعوة المسيح أو حياته الشخصية ما يشير إلى هذه القوة، فكلاهما لم يبعث بشرع جديد، كما لم يملك على قومه، ولم يكن لأي منهما نفوذ أو سلطان، بل تزعم النصارى - باطلاً - أن كلاً منهما مات مقتولاً! فأين القوة التي ذكرها المعمدان؟
كما لم يحقق المسيح قول المعمدان عن النبي الآتي: "رفشه في يده، وسينقي بيدره، ويجمع قمحه إلى المخزن، وأما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ " وهذه كناية يفسرها الدكتور وليم أدي بقوله: " كناية عن نهاية العمل كله، ويمكن أن يكون القصد من هذا التشبيه: الإشارة إلى تأديب الله للناس وقصاصه لهم في هذه الحياة"، بل هو كناية أبعد من ذلك، إذ تبين سلطانه الذي ينقي الأصل الذي أنزله الله على أنبيائه مما علق فيه، فيحذف الترهات الدخيلة ويزيفها.