وبعد وفاة يوحنا المعمدان جدد يسوع البشارة بالملكوت، " ابتدأ يسوع يكرز ويقول: توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات "(متى ٤/ ١٧)، " وكان يسوع يطوف كل الجليل يعلم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت "(متى ٤/ ٢٣).
وأمر تلاميذه بأن يبشروا باقتراب الملكوت فقال:" اكرزوا قائلين: إنه قد اقترب ملكوت السماوات "(متى ١٠/ ٧)، لقد كانت دعوتهما واحدة، وهي البشارة والتمهيد للنبي القادم.
وكما لم يتحقق في المعمدان صفات الممهد للنبي القادم، فإن الصفات التي ذكرها يوحنا المعمدان للآتي بعده لم تتحقق في المسيح، فقد قال المعمدان:" أنا أعمدكم بماء التوبة، ولكن الذي يأتي بعدي هو أقوى مني، الذي لست أهلاً أن أحمل حذاءه، هو سيعمدكم بالروح القدس ونار، الذي رفشه في يده، وسينقي بيدره، ويجمع قمحه إلى المخزن، وأما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ، حينئذٍ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه "(متى ٣/ ١١ - ١٣).
فالقادم المبشر به سيعمد بالروح القدس والنار، أما المسيح عليه السلام فلم يعمد أحداً طوال حياته، وإن كان شاع بين الناس أنه يعمد، لكنه لم يفعل ذلك حقيقة، وإن صنعه تلاميذه باسمه "فلما علم الرب أن الفريسيين سمعوا أن يسوع يصيّر ويعمد تلاميذ أكثر من يوحنا، مع أن يسوع نفسه لم يكن يعمد بل تلاميذه"(يوحنا ٤/ ١ - ٢).
وذكر المعمدان أن الآتي بعده يعمد بالروح والنار، أي يملك سلطان الدين والدنيا لتغيير المنكر والحفز على التوبة، فهو لا يتوقف عن حدود الطهارة الظاهرية للجسد بالاغتسال بالماء، بل يهتم بطهارة الباطن، ووسيلته ما يأتي به روح القدس (جبريل) من وحي وبلاغ وبيان، كما قام بتطهير كثير من الأرض من الوثنية بالنار.
ومثل هذه المعمودية لم يفعلها المسيح الذي عمد تلاميذه بالماء، وكانت بشارته