للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسيح لمسيانيته أرهق العلماء للغاية، وقالوا فيه ما قالوا". (١)

وهو عليه السلام حرص على نفي كونه المسيا مرة بعد مرة "فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا: إن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم، وأما يسوع فإذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكاً انصرف أيضاً إلى الجبل وحده" (يوحنا ٦/ ١٤ - ١٥). لماذا هرب؟ لأنه ليس الملك المنتظر، وهم مصرون على تمليكه لما يرونه من معجزاته عليه السلام، ولما يجدونه في أنفسهم من شوق وأمل بالخلاص من ظلم الرومان.

يقول القس الخضري: "إن جماعة الغيورين كانت تنتظر المسِيّا السياسي، وعندما رأت يسوع الذي يعظ بملكوت الله القريب؛ ظنت أنه هو فعلاً ذلك المسيا السياسي، ولذلك أرادت أن تختطفه، وتنصبه ملكاً على حزب الغيورين، لكي يكون زعيماً لهم، فيجمع شملهم ويدعم صفوفهم، ولكن المسيا يسوع ينصرف وحده إلى الجبل، لأن ملكوته ليس من هذا العالم، ولا يريد هذا الملك الذي يتقاتل ويتحارب عليه الناس". (٢)

وذات مرة قال فيلبس لصديقه نثنائيل: "وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة".

فجاء نثنائيل إلى المسيح عليه السلام وسأله " وقال له: يا معلّم أنت ابن الله؟ أنت ملك إسرائيل؟ أجاب يسوع وقال له: هل آمنت لأني قلت لك: إني رأيتك تحت التينة، سوف ترى أعظم من هذا" (يوحنا ١/ ٤٥ - ٥٠)، فقد أجابه بسؤال، وأعلمه أنه سيرى المزيد من المعجزات، ولم يصرح له أنه الملك المنتظر.

وفي بلاط بيلاطس نفى أن يكون الملك المنتظر لليهود، كما زعموا وأشاعوا


(١) الإنجيل بحسب القديس لوقا، الأب متى المسكين، ص (٣٩٢)، ويرى الأب المسكين أن سبب إخفاء المسيح لمسيانيته "حتى يمكنه أن يتمم خدمة ابن الإنسان أو العبد المتألم".
(٢) تاريخ الفكر المسيحي، الدكتور القس حنا جرجس الخضري (١/ ٢٣٨).

<<  <   >  >>