للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فذكره أبو بكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أما إنهم سيغلبون، فذكره أبو بكر لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً، فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا، فجعل أجلاً خمس سنين، فلم يظهروا، فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ألا جعلته إلى دون العشر.

قال أبو سعيد: والبضع ما دون العشر.

قال: ثم ظهرت الروم بعد، قال: فذلك قوله تعالى: {غلبت الروم - في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون - في بضع سنين}. (١)

وهكذا ظهر لكل ناظر منصف أن النبي الذي تنبأ عنه موسى لم تتحقق أوصافه في المسيح العظيم عليه الصلاة والسلام، وتحققت في أخيه محمد صلى الله عليهما وسلم تسليماً كثيراً.

ومما يؤكد ذلك أنه هذه الصفات مجتمعة لم تتوافر في غيره من الأنبياء، فإن اليهود لا يقولون بمجيء هذا المسيح فيما سبق، بل مازالوا ينتظرونه.

إذ لما بعث يحيى عليه السلام ظنه اليهود النبي الموعود، وأقبلوا عليه يسألونه " النبي أنت؟ فأجابهم: لا " (يوحنا ١/ ٢١)، أي لست النبي الذي تنتظره اليهود.

ثم أراد تلاميذ المسيح أن تتحقق النبوءة في المسيح، فذات مرة لما رأوا معجزاته " قالوا: إن هذا بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم.

وأما يسوع فإذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكاً، انصرف أيضاً إلى الجبل وحده " (يوحنا ٦/ ١٤ - ١٥)، فقد أراد تلاميذ المسيح تنصيبه ملكاً


(١) رواه الترمذي في سننه ح (٣١٩٣).

<<  <   >  >>