للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٢١ - (٢٦) حدثنا محمدُ بنُ عمرو بنِ أبي مَذعورٍ ومحمدُ بنُ شعبةَ بنِ جوان، قالَ ابنُ أبي مَذعورٍ: أخبرنا أبوداودَ، وقالَ محمدُ بنُ شعبةَ: حدثنا أبوداودَ، اللفظُ لابنِ أبي مَذعورٍ: حدثنا عبادُ بنُ ميسرةَ المنقريُّ قالَ: سمعتُ أبا رجاءٍ العُطارديَّ ⦗٢٦٨⦘ يقولُ: حدثنا عمرانُ بنُ حصينٍ قالَ:

أَسرى بِنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سريةً، ثم عرَّسْنا فلم نستيقظْ إلا بِحرِّ الشمسِ، فاستيقظَ مِنا ستةٌ فأُنسيتُ أسماءَهم، ثم استيقظَ أبوبكرٍ فجعلَ يَمنَعُهم أَن يوقظوهُ يقولُ: لعلَّ اللهَ أنْ يكونَ احتبسَهُ لحاجتِهِ، فجعلَ أبوبكرٍ يُكبرُ حتى استيقظَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقالوا: يا رسولَ اللهِ، ذهبتْ صلاتُنا، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لم تذهبْ صلاتُكم، ارتَحِلوا مِن هذا المكانِ ارتَحِلوا»، فسارَ قريباً ثم نزلَ فصلَّى صلى الله عليه وسلم، ثم قالَ لنا: «إنَّ اللهَ قدْ أتمَّ صلاتَكم»، فَقالوا: يارسولَ اللهِ، إنَّ فلاناً لم يُصلِّ مَعنا، قالَ: فقالَ: «ما منعكَ أَن تُصلِّيَ؟» قالَ: يارسولَ اللهِ، أصابَتْني جنابةٌ، قالَ: «فتيمَّم الصعيدَ فَصَلِّه، فإذا قدرتَ على الماءِ فاغتسلْ».

قالَ: وبعثَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في طلبِ الماءِ ومع كلِّ إنسانٍ مِنا إداوةٌ مثلُ أُذنِ الأرنبِ بينَ جلدِهِ وثوبِهِ، إذا عطشَ رسولُ اللهِ/ صلى الله عليه وسلم ابتدرناهُ بالماءِ، قالَ: فانطلَقَ عليٌّ حتى ارتفعَ علينا النهارُ ولم نجدْ ماءً، فإذا شخصٌ فقالَ عليٌّ: مكانَكم حتى ننظُرَ ما هذا، قالَ: فإذا امرأةٌ بينَ مَزَادتين ماءً، فقيلَ لها: يا أمةَ اللهِ، أينَ الماءُ؟ فقالتْ: لا ماءَ، واللهِ لَكَم استقيتُ أمسِ فسرتُ نَهاري أجمعَ ولَيلَتي جمعاءَ وقدْ أصبحتُ إلى هذه الساعةِ، قَالوا: انطَلِقي إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقالتْ: ومَن رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: محمدٌ صلى الله عليه وسلم، قالتْ: أَمجنونُ قَريشٍ؟ قَالوا: إنَّه ليسَ بمجنونٍ، ولكنَّه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالتْ: يا هؤلاءِ دَعوني، فواللهِ لقدْ تركتُ صبيةً لي صغاراً في غُنيمةٍ قدْ خشيتُ أَن لا أُدرِكَهم حتى يموتَ بعضُهم مِن العطشِ، فلم يُملِّكوها مِن نفسِها شيئاً حتى أَتوا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فأمرَ بالبعيرِ فأُنيخَ وحلَّ المَزادةَ مِن أعلاها، ثم دعا بإناءٍ عظيمٍ فملأَ مِن الماءِ ثم دفعَهُ إلى الجُنُبِ فقالَ: «اذهبْ فاغتسلْ»، فقالَ: وأيمُ اللهِ، ما تركَ لَنا مِن مَزادةٍ ولا قربةٍ ولا إداوةٍ ولا إناءٍ إلا ملأَهُ مِن الماءِ وهي تنظرُ، ثم قالَ: «شُدوا المَزادةَ⦗٢٦٩⦘ مِن أَعلاها»، ثم بعثَ البعيرَ، ثم قالَ: «ياهذِهِ دونَكِ»، قالَ: «واللهِ، لإن لم يكن اللهُ زادَ فيه ما نقصَ مِن مائِكِ قطرة»، ثم دَعا لها بكساءٍ فبسَطَها ثم قالَ: «مَن كانَ عندَهُ شيءٌ فليأتِ بِهِ»، فجعلَ الرجلُ يجيءُ بِخَلَقِ النعالِ، وخَلَقِ الثوبِ، والقبضةِ مِن الشعيرِ، والقبضةِ مِن التمرِ، والفلقةِ مِن الخبزِ، حتى جمعَ لها ذلكَ، ثم أوكاهُ لَها، وسألَها عن قومِها فأخبرتْهُ.

قالَ: فانطلقتْ حتى أتتْ قومَها، فَقالوا: ما حبسَكِ؟ قالتْ: أَخَذَني مجنونُ قُريشٍ، واللهِ إنَّه لأحَدُ رجلينِ إلا أنْ يكونَ أسحرَ مَن بينَ هذِهِ وهذِهِ - تَعني السماءَ والأرضَ - أو أنَّه لَرسولُ اللهِ حقّاً.

قالَ: فجعلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُغيرُ على مَن حولَهم وهم آمِنون، /فقالت المرأةُ لِقومِها: أيْ قومِ، واللهِ ما أَرى هذا الرجلَ إلا قدْ شكرَ لكم ما أخذَ مِن مائِكم، ألا تَرونَ أنَّه يُغارُ على ما حولَكم وأنتمُ آمِنونَ لا يُغارُ عليكُم! هل لكم في خيرٍ؟ قالوا: ومَا هو؟ قالتْ: نَأتي رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قالَ: فجاءتْ تسوقُ ثلاثينَ أهلَ بيتٍ حتى بَايعوا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فأسْلَموا.

<<  <   >  >>