وكبّرت فيه، بينما كانت النوافذ ذات الزجاج الملون توزع بين أعمدة المسجد ضوءاً متخافتاً يزيد في الهدوء الذي يحيطني.
وربما كنت في السجدة الثانية، وقد تعودت أثناء هجرتي إلى الشرق الإطالة في السجود، كما يتعود ذلك بعض حجيجنا من المغاربة عندما يصلّون خلال رحلتهم بعض صلواتهم في مسجد سيدنا الحسين، قرب الأزهر الشريف.
وبينما أنا في هذه السجدة سمعت قدماً تطأ الزريبة خلفي وطئاً خفيفاً، ثم تنسحب القدم.
وأرفع رأسي من السجود، فينطلق بصري تلقائياً إلى جانبي الأيمن، فأرى عند ركبتي شيئاً ملفوفاً ..
فاسترسلت في صلاتي حسب نسقها، حتى سلمت.
ثم التفت عن يميني وعن شمالي، فلم أر أحداً. إن من وضع قرب ركبتي الشيء الملفوف قد اختفى .. ولكن ما هو هذا الشيء؟ تحسّست من خلال الغلاف السميك من الورق ما يحتويه، فشعرت أنه ورق ..
وفتحته، فإذا بصفحات مكتوبة كتابة ناعمة ولكنها واضحة، قرأت على الصفحة الأولى عنواناً:
(مذكرات شاهد للقرن).
وقرأت صفحة .. ثم صفحتين ..
أمر غريب! .. إن كل جزائري يتناول القلم قد يستطيع كتابة مثله شريطة أن يكون من الجيل الذي أنا منه.
فقرأت صفحات أخرى .. وهأنذا أجد اسماً، لعله يكون اسم المؤلف:(الصديق).