للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أثنى الله على الصّلاح والمصلحين وَالَّذين ءامنوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات، وذم الْفساد والمفسدين فِي غير مَوضِع، فَحَيْثُ كَانَت مفْسدَة الْأَمر وَالنَّهْي أعظم من مصْلحَته لم يكن مِمَّا أَمر الله بِهِ، وَإِن كَانَ قد ترك وَاجِبا وَفعل محرما ... "١.

وَقَالَ الإِمَام ابْن الْقيم - رَحمَه الله -: "إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شرع لأمته إِيجَاب إِنْكَار الْمُنكر ليحصل بإنكاره من الْمَعْرُوف مَا يُحِبهُ الله وَرَسُوله فَإِذا كَانَ إِنْكَار الْمُنكر يسْتَلْزم مَا هُوَ أنكر مِنْهُ وَأبْغض إِلَى الله وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ لَا يسوغ إِنْكَاره وَإِن كَانَ الله يبغضه ويمقت أَهله ... وَمن تَأمل مَا جرى على الْإِسْلَام فِي الْفِتَن الْكِبَار وَالصغَار رَآهَا من إِضَاعَة هَذَا الأَصْل وَعدم الصَّبْر على مُنكر بِطَلَب إِزَالَته فتولد مِنْهُ مَا هُوَ أكبر مِنْهُ، فقد كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرى بِمَكَّة أكبر الْمُنْكَرَات وَلَا يَسْتَطِيع تغييرها، بل لما فتح الله مَكَّة وَصَارَت دَار إِسْلَام عزم على تَغْيِير الْبَيْت ورده على قَوَاعِد إِبْرَاهِيم، وَمنعه من ذَلِك مَعَ قدرته عَلَيْهِ خشيَة وُقُوع مَا هُوَ أعظم مِنْهُ من عدم احْتِمَال قُرَيْش لذَلِك لقرب عَهدهم بِالْإِسْلَامِ وكونهم حَدِيثي عهد بِكفْر٢.

وَقَالَ– رَحمَه الله: "فَإِذا رَأَيْت أهل الْفُجُور والفسوق يَلْعَبُونَ بالشطرنج كَانَ إنكارك عَلَيْهِم من عدم الْفِقْه والبصيرة إِلَّا إِذا نقلتهم إِلَى مَا هُوَ أحب إِلَى الله وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كرمي النشاب وسباق الْخَيل وَنَحْو ذَلِك، وَإِذا رَأَيْت الْفُسَّاق قد اجْتَمعُوا على لَهو وَلعب أَو سَماع مكاء وتصدية فَإِن نقلتهم عَنهُ إِلَى طَاعَة الله فَهُوَ المُرَاد وَإِلَّا كَانَ تَركهم على ذَلِك خيرا [من] أَن تفرغهم لما هُوَ أعظم من ذَلِك فَكَانَ مَا هم فِيهِ شاغلاً عَن ذَلِك... وَهَذَا بَاب وَاسع ...، وَسمعت شيخ


١ - رِسَالَة الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر لِابْنِ تَيْمِية ص ٣٨ نقلا عَن الْأَدِلَّة على الِاعْتِبَار الْمصَالح والمفاسد لهشام بن عبد الْقَادِر ص ٣٢.
٢ - أَعْلَام الموقعين ٣ / ١٥ - ١٦.

<<  <   >  >>