ونظراً لِأَن الْمصلحَة وَالْحكمَة فِي هَذَا الْقسم إِنَّمَا يتَوَصَّل إِلَيْهَا بالاستنباط وَالنَّظَر فَلَا بُد - إِذا - من مُرَاعَاة قَوَاعِد التَّعْلِيل وضوابطه ومسالكه وحدوده حَتَّى لَا يكون مُعَللا بذوقه وتخمينه وهواه، كَمَا أَنه لَا يحسن الْمُبَالغَة فِي التنقير عَن الحكم والمصالح - وَلَا سِيمَا فِي الْأَحْكَام التعبدية - أدبا مَعَ الله وخشية الْوُقُوع فِي التَّكَلُّف والتمحل وَالْقَوْل بِغَيْر علم وَحَتَّى لَا يتَكَلَّف التَّعْلِيل بِمُجَرَّد الذَّوْق والوجدان من غير دَلِيل وبرهان.
إِن عدم إِدْرَاك الْعقل الإنساني الْقَاصِر حِكم بعض الْأَحْكَام لَا يَعْنِي - قطعا - أَنَّهَا عِروٌ وخِلْو من الْحِكْمَة والمصلحة، لِأَن عدم الْعلم لَيْسَ علما بِالْعدمِ، وَإِنَّمَا يَعْنِي قُصُور الْعقل الإنساني وعجزه، فرحم الله امْرأ وقف عِنْد حَده وَلم يَتَعَدَّ طوره، وَللَّه در أبي الْعَلَاء المعري مَا أصدق قَوْله:
وروم الْفَتى مَا قد طوى الله علمه ... يعد جنونا، أَو شَبيه جُنُون
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute