للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١ - الرَّازِيّ يمْنَع التَّعْلِيل بِالْمَصْلَحَةِ والمفسدة لعدم انضباطها، لكَون أَحْكَام الله غير معللة فِي حَقِيقَتهَا بجلب الْمصَالح ودرء الْمَفَاسِد، فَكَلَامه الْمُتَقَدّم قَاطع فِي أَنه يعْتَبر الْمصلحَة أَو الْمفْسدَة، وَمن هُنَا يفضل الْفُقَهَاء والأصوليون تَعْلِيل الْأَحْكَام بالأوصاف الظَّاهِرَة المنضبطة بدل تعليلها - مُبَاشرَة - بِالْمَصْلَحَةِ والمفسدة وَلَا سِيمَا إِذا كَانَت خُفْيَة أَو عسيرة الضَّبْط١.

٢ - أَن التَّعْلِيل الَّذِي يُنكره الرَّازِيّ هُوَ التَّعْلِيل الفلسفي فِي مبَاحث علم الْكَلَام وَالَّذِي يُثبتهُ هُوَ التَّعْلِيل الأصولي الفقهي، وَقد صرّح بِهَذَا فِي (تَفْسِيره) ٢ عِنْد قَوْله تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} ٣

وَسَيَأْتِي مزِيد بَيَان لهَذَا عِنْد الْكَلَام على أَدِلَّة الأشاعرة قَرِيبا.

٣ - هَذَا الْإِنْكَار مِنْهُ - وَمن الأشاعرة - كَانَ فِرَارًا من المقولات والإلزامات الاعتزالية، الَّتِي تجْعَل القَوْل بِالتَّعْلِيلِ مُقَدّمَة لِلْقَوْلِ بِوُجُوب الصّلاح والأصلح على الله تَعَالَى٤.

٤ - لَعَلَّ سَبَب ذَلِك هُوَ مَا نَقله الإِمَام ابْن تَيْمِية من تقلبات الرَّازِيّ وتباين مواقفه من فَتْرَة لأخرى حَيْثُ قَالَ: "أما ابْن الْخَطِيب - وَهُوَ الرَّازِيّ - فكثير الِاضْطِرَاب جدا، لَا يسْتَقرّ على حَال، وَإِنَّمَا هُوَ بحث وجدل بِمَنْزِلَة الَّذِي يطْلب وَلم يهتد إِلَى مَطْلُوبه، بِخِلَاف أبي حَامِد - الْغَزالِيّ - فَإِنَّهُ كثيرا مَا يسْتَقرّ"٥.


١ - انْظُر نظرية الْمَقَاصِد ص ٢٣٦.
٢ - ٢ / ١٥٤.
٣ - سُورَة الْبَقَرَة آيَة: ٢٩.
٤ - انْظُر تَعْلِيق مَشْهُور بن حسن آل سُلَيْمَان على كتاب (الموافقات) للشاطبي ٢/١٠ - ١١.
٥ - مَجْمُوع الفتاوي ٦ / ٥٥.

<<  <   >  >>