للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الرَّاجِح مِنْهَا، فِيمَا إِذا ازدحمت الْمصَالح والمفاسد، وتعارضت الْمصَالح والمفاسد، فَإِن الْأَمر وَالنَّهْي وَإِن كَانَ متضمنا لتَحْصِيل مصلحَة وَدفع مفْسدَة فَينْظر فِي الْمعَارض لَهُ، فَإِن كَانَ الَّذِي يفوت من الْمصَالح أَو يحصل من الْمَفَاسِد أَكثر، لم يكن مَأْمُورا بِهِ، بل يكون محرما إِذا كَانَت مفسدته أَكثر من مصْلحَته"١.

وَبعد، فَهَذِهِ الْأُمُور أَو الشُّرُوط الْخَمْسَة يجب أَن تنضبط بهَا الْمصلحَة حَتَّى تكون مصلحَة شَرْعِيَّة مُعْتَبرَة يسوغ الْعَمَل بهَا، وَإِلَّا كَانَت ملغاة غير مُعْتَبرَة لِأَن الشَّارِع لم يَعْتَبِرهَا بل نَص على إلغائها لكَونهَا مُخَالفَة لنَصّ كتاب أَو سنة أَو إِجْمَاع أَو قِيَاس صَحِيح.

وَمن أَمْثِلَة هَذَا النَّوْع:

- مَا قد يرَاهُ بعض خبراء الاقتصاد وَالتِّجَارَة من أَن الرِّبَا لابد مِنْهُ لتنشيط الْحَرَكَة التجارية والنهوض بهَا فَهُوَ مُخَالف لقَوْله تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} ٢.

- مَا يَقُوله بعض المهتمين بِعلم النَّفس والتربية من أَن الْجمع بَين الجنسين فِي مرافق الْمُجْتَمع من مدارس ومكاتب وَنَحْوهمَا يهذب من الْخلق ويخفف من شَره الْميل الجنسي، فَهَذَا متصادم مَعَ الْقُرْآن وَالسّنة، قَالَ تَعَالَى: {وقُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُم ... وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} ٣ وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "مَا خلا رجل بِامْرَأَة إِلَّا كَانَ الشَّيْطَان ثالثهما" ٤.


١ - وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر ص ٤٠ - ٤١ نقلا عَن الْأَدِلَّة على اعْتِبَار الْمصَالح ص ٣٨.
٢ - سُورَة الْبَقَرَة آيَة:٢٧٥.
٣ - سُورَة النُّور آيَة:٣٠، ٣١.
٤ - رَوَاهُ أَحْمد ١ / ١٨، ٢٦ وَالتِّرْمِذِيّ ٢ / ٣٩١.

<<  <   >  >>