نشأت الدعْوَة فِي مَكَّة المكرمة، وَكَانَت أول مدرسة لَهَا هِيَ دَار الأرقم بن أبي الأرقم المَخْزُومِي، حَيْثُ كَانَ الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلتقي بالرعيل الأول هُنَاكَ، فيعلمهم العقيدة الصَّحِيحَة، وينتزع مَا بَقِي فِي قُلُوبهم من آثَار الوثنية، ويقتلع من نُفُوسهم قدسية الْأَصْنَام ومنزلتها، ويغرس فِيهَا الْإِيمَان بِالْيَوْمِ الآخر، وَمَا فِيهِ من الْبَعْث والحساب وَالْجنَّة وَالنَّار إِلَى غير ذَلِك من أصُول العقيدة.
وَقد تميزت مدرسة الدعْوَة بخصائص لم تتوفر لغَيْرهَا، كَانَ لَهَا أكبر الْأَثر على الدعاة، فخرّجت جيلا ضحى فِي سَبِيل الدعْوَة بِمَا يملك من النَّفس وَالْمَال وَالْولد، وَلم يضن عَلَيْهَا بِشَيْء تحْتَاج إِلَيْهِ، كَمَا كَانَ للجهد الْعَظِيم الَّذِي بذله الدعاة نتائج هائلة وثمرات جَيِّدَة، وَبِذَلِك أَصبَحت مدرسة الدعْوَة فِي تِلْكَ الآونة مدرسة فريدة فِي موضوعها، فريدة فِي منهاجها، فريدة فِي نتائجها.