وَكَانَ أول مَا اهتم بِهِ الْمنْهَج هُوَ تَصْحِيح العقيدة من الانحراف الَّذِي طَرَأَ عَلَيْهَا، لِأَن الْغَايَة من خلق آدم وَذريته هُوَ تَحْقِيق معنى الْعُبُودِيَّة لله - عز وَجل - فِي الأَرْض، بِاتِّبَاع الْمنْهَج القويم الَّذِي جَاءَ بِهِ الْأَنْبِيَاء والمرسلون، وَذَلِكَ بِعبَادة الله - تَعَالَى - وإخلاص الطَّاعَة لَهُ - سُبْحَانَهُ -.
وَكَانَ النَّاس فِي تِلْكَ الآونة من الزَّمَان قد نسوا الْبَعْث، بل أنكروه، كَمَا هُوَ حَالهم فِي فترات الزَّمَان المتباعدة، فَكَانَت الدعْوَة الإسلامية عَاملا مهما من عوامل إيقاظ هَذَا الْمَعْنى فِي النُّفُوس، وركزت عَلَيْهِ تركيزا بِحَيْثُ لم يعد هُنَاكَ مجَال للشَّكّ فِيهِ.
وَقد ثبَّت الْمنْهَج هَذِه العقيدة بأساليب مُخْتَلفَة، فَضرب الْأَمْثِلَة، وانتقل من الْمَعْقُول إِلَى المحسوس، ولفت أنظار النَّاس إِلَى قدرَة الله فِيمَا حَولهمْ وَفِيمَا يجْرِي بَينهم؛ حَتَّى تكون الوقائع الماثلة شاهدة على مَا يُخْبِرهُمْ بِهِ الله فِي كِتَابه على لِسَان نبيه.
وَحَيْثُ كَانَ الْمنْهَج ربانيا فَإِنَّهُ جَاءَ مناسبا لكل زمَان وَمَكَان، لَا يَعْتَرِيه نقص، وَلَا يطْرَأ عَلَيْهِ تَغْيِير، لِأَن صفة الربانية لهَذَا الْمنْهَج تكسبه معنى الصلاحية والثبات، وَكَونه منهجا لآخر رِسَالَة فِي هَذِه الْحَيَاة يكسبه معنى الخلود إِلَى آخر هَذِه الْحَيَاة، فلسنا إِذا فِي حَاجَة إِلَى تَغْيِير من فَتْرَة إِلَى فَتْرَة، وَلَا فِي حَاجَة إِلَى التَّعْدِيل فِيهِ من حِين إِلَى حِين.