[المبحث الثالث: لطائف الإسناد وما فيه من الشواهد التطبيقية لعلم مصطلح الحديث]
١- هذا الحديث أحد الأحاديث التي انتقدها الحافظ الدارقطني على البخاري، وقد تقدم أن جملة الأحاديث التي انتقدها الحفاظ على الإمام البخاري مائة وعشرة أحاديث، انفرد البخاري عن مسلم بثمانية وسبعين حديثا، وشاركه مسلم في إخراج اثنين وثلاثين، ووجه الانتقاد في هذا الحديث من الدارقطني أنه قال: أيسنده غير العوام بن حوشب وخالفه مسعر فرواه عن إبراهيم السكسكي عن أبى بردة قوله ولم يذكر أبا موسى ولا النبي صلى الله عليه وسلم انتهى، وقد أجاب الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح عن هذا الانتقاد بجوابين قال فيهما: قلت مسعر أحفظ من العوام بلا شك إلا أن مثل هذا لا يقال من قبل الرأي فهو في حكم المرفوع، وفي السياق قصة تدل على أن العوام حفظه، فان فيه: اصطحب يزيد بن أبى كبشة وأبو بردة في سفر فكان يزيد يصوم في السفر فقال له أبو بردة: أفطر فإني سمعت أبا موسى مراراً يقول فذكره، وقد قال أحمد بن حنبل إذا كان في الحديث قصة دل على أن راويه حفظه والله أعلم انتهي كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله.
وهناك جوابان آخران أحدهما: أنه ورد مسنداً من غير طريق العوام بن حوشب عند البخاري في الأدب المفرد، وقد تقدم سندا ومتنا في التخريج، الثاني: أن الحكم في تعارض الرفع والوقف والوصل والإرسال لمن أرسله أو وقفه إذا كان أحفظ إنما هو قول لبعض العلماء وقد رجح كثير من العلماء أن الحكم لمن وصله أو رفعه قال النووي في التقريب: والصحيح أن الحكم لمن وصله أو رفعه سواء كان المخالف له مثله أو أكثر لأن ذلك زيادة ثقة وهى