نحو بئر ميمون فأدركه قال: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار وروى عبد الله ابن أحمد في زيادات المسند عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر صاحبي ومؤنسي في الغار. الحديث ورجاله ثقات كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري. وقد ذكر جميع هذه الأحاديث فيه. وقال في ترجمته في الإصابة: والأحاديث في كونه كان معه في الغار كثيرة شهيرة ولم يشركه في هذه المنقبة غيره.
٢- قوله: فرأيت آثار المشركين، قلت: يا رسول الله لو أن أحدهم رفع قدمه رآنا، قال الحافظ. في الفتح: فيه مجيء "لو" الشرطية للاستقبال خلافا للأكثر واستدل من جوزه بمجيء الفعل المضارع بعدها كقوله: {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} وعلى هذا فيكون قاله حالة وقوفهم على الغار وعلى القول الأكثر يكون قاله بعد مضيهم شكراً لله تعالى على صيانتهما منهم.
٣- قوله:"ما ظنك باثنين، الله ثالثهما". قال الحافظ في الفتح: ومعنى ثالثهما ناصر هما ومعينهما وإلاّ فالله ثالث كل اثنين بعلمه، وقال النووي في شرح صحيح مسلم: معناه ثالثهما بالنصر والمعونة والحفظ والتسديد، وهو داخل في قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} .
٤- من فقه الحديث وما يستنبط منه:
١- في الحديث منقبة عظيمة لأبى بكر الصديق رضي الله عنه، قال النووي: وهي من أجل مناقبه، والفضيلة من أوجه: منها هذا اللفظ- يعنى ما ظنك باثنين الله ثالثهما- ومنها بذله نفسه ومفارقة أهله في طاعة الله تعالى ورسوله وملازمته النبي لصلى الله عليه وسلم ومعاداة الناس فيه، وصنها جعله نفسه وقاية عنه، وغير ذلك.
٢- بيان عظيم توكل النبي صلى الله عليه وسلم على ربه تعالى.