للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[باب صيد الفهد وصفة ضراءته]

من أحب أن يصيد الفهد فليعلم كيف يصاد ويُطلب، وكيف يشد إذا صيد، وإلا فلو وقع يوماً على عشرة ولم يحسن طردها وصيدها ومداراتها إلى أن يصل بها إلى منزله لم يلحق منها شيئاً، والفهد لا يًقدر عليه إلا في يبَس، ويحتاج من يطرده أن يحفظ أثره لأنه متى خفي عنه أثره لم يجده، فإذا صاده فليشدد زوائده بخرقة، بعد أن يطرح عليه كساء ويكمّمِه، ويجعله في غرارة، وليكن رأسه خارجاً من الغرارة لئلا يموت من الحر، وعندنا بنو قُرّة متعوّدة لصيده فإذ صار به إلى منزله فليعرض عليه الماء فأن شربه وإلا رشه على رأسه وأكتافه وخواصره وجوفه، ويعمل له قلادة فيها مِدْوَر لئلا يدور فتلتوي على عنقه ويكون فيها مجرّ جيد، ويضرب له سكة في مكلان بارد ويشدّه فيها إلى آخر النهار ثم يأخذ من لحم خروف ثلاثة أرطال، فيقطعه صغاراً ويرميه في قصعة الفهد، ويحلّ الكمامة عن فمه، ويكون في جنبه، ويقدّم له القصعة، فأنه يأكل ولا يزال يمسحه، فإذا كان وقت العشاء فليدخل به البيت برفق، ويجعل له قنديلاً في سقف البيت ليضيء عليه، ويسهر معه أكثر الليل بالتمسيح ليألفه، فإذا عمل به ذلك لياليَ، وأنس ووقف على قوائمه ودار حواليه فعند ذلك يحل مجره عند إطعامه ويستجيبه بالقصعة، فكلما لحقه رمى له في القصة قليلاً من طعمه إلى أن يفرغ الطعم، ويعمل به ذلك أياماً، حتى يتبعه مثل الكلب السلوقي، ثم يعمد بعد ذلك فيبني له مثالاً في البيت على قدر الدابة ويطرح عليه الطنفسة التي يطرحها على

<<  <   >  >>