للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يؤنّس حتى يوثَق به فمما يؤنّسه أن يُطعم كسرة بعسل، وما دام ذنبه ذاهباً بين فخذيه إلى بطنه فهو غير مستأنس، فإذا شاله فقد أنس وإذا مضغ له صاحبه وتفل في فيه أنس أيضاً.

ومن خصائصه أن رأسه كله من عظم واحدٍ وإذا عاين الظباء، بعيدة كانت أو قريبة، عرف المعتلّ وغير المعتلّ منها، وعرف العنز من التي، وإذا أبصر القطيع لم يقصد إلا التيس، وأن علم أنه أشد حُضراً، وأبعد وثبة، ويدع العنز وهو يرى ما فيها من نقصان حضرها وقصر خطوها، ولكنه يعلم أن التيس إذا عدا شوطاً أو شوطين حَقِب ببوله، وكل حيوان يعرض له مع شدة الفزع إما سلس البول والتقطير، وإما اليسر والحُقب، وإذا حقب التيس لم يستطع البول مع شدة الحضر، ووضع القوائم معاً ورفعهما معاً، فيثقل عدوه ويقصر مدى خطوه، ويعتريه البُهر حتى يلحقه الكلب. والعنز إذا اعتراها البول لم تجمعه، وحذفت به لسعة المسيل يُعرف ذلك في الكلب طبعاً لا بتجربة، ولا يحتاج فيه إلى معاناة، ولا يعلَم ولا يدرب، وتخرجه إلى الصيد في يوم الجليد والثلج وهما متراكمان على الأرض حتى لا يثبت عليها قدم ولا خف ولا حافر ولا ظلف فيمضي الكلب، ومعه الإنسان العاقل، والصياد المجرّب، فلا يدري أين موضع الأرنب من جميع بسيط الأرض، ولا موضع كناس ظبي ولا مكو ثعلب ولا غير ذلك من موالج وحوش الأرض فيتلفَّت الكلب بين يديه وخلفه وعن يمينه وشماله، ويتنسم ويتبصَّر

<<  <   >  >>