تكرمتها العبد والبعير والقبة، وكسوت الشيخ المطرف الخزّ، ولم أبرح حتى بنى عليها وانصرفت أقول:
كفيتُ أخي العذري ما كان نابه ... ومثلي لأثقال النوائب يحمل
وربما ألث السحاب وجرت الأودية، وتتابع السيل، وثلجت الصحراء حتى يعم ذلك معاقل الأروى. وكناس الظباء، ومرابض المها، ومفاحص القطا، ومساالك الطير من الهواء، فتلجأ الصوار والسرب والعانة والرعيل والرف إلى العمارة فتؤخذ قبضاً وتكون حالها في استملامها وضعف من يقدر عليها في تلك الصورة كقول علي بن الجهم في وصف غيث:
وحتى رأينا الطير في جنباتها ... تكاد أكف الغانيات تصيدها
ولا يكون لصيدها ذلك الموقع، على أن ناساً قد أمكنهم مثل ذلك فرأوا تركه، وقالوا إنما لجأت إلينا، وعادت بجوارنا فنؤمنها ولا نروعها، ولا نجور عليها، وفعل مثل ذلك مجير الجراد، وأسمه حارثة بن حنبل من طيء، وكان الجراد قد وقع في أرضه فبدأ بالوقوع حول خبائه، فخرج أهل الحي ليصيدوه، فركب فرسه وأشرع إليهم صدر قناته،