للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا رأيت الذرقة مزنجرة قد خالطها يسير من السواد والبياض، وأعادها البازي في غده حين تحمله، فأن ذلك يدل على الاسطارم. وإذا أرابك من البازي أمر وتوهمت به علة فأصرف همتك إلى الرفق به والإحسان إليه، وأسمنه فأن السمن ربما ذهب بالداء من غير علاج، وإن لم تستغن على العلاج فلأن تعالجه وهو سمين يقوى على التقبيض واساغة ما تطعمه خير من أن تعالجه مهزولاً فيضعف.

ولقد مرت بي حكاية عن رجل كان لاعباً بالجوارح أنه قال: سألت رجلاً يلعب بالجوارح عن بازي كنت أعرفه له فذكر أنه بمنزلة الميت، وأن الاسطارم مع كثرة العلل أنهكه وأذاب لحمه حتى أنه ليس فيه من القوة نما يقعد على اليد، وأعلمني أنه أمر برميه فبعث من جاء به، فرأيته على ما حكاه من الهزل والضعف حتى لقد كان يحرك رجله فتسمع صوتَ عظامه من جوفه تتقعقع، فسقيته ماء لأني رأيت عينيه عيني عطشان. وشددته في موضع بارد كثير الهواء، فكان مطروحاً على الكندرة لا أشك أنه ميت فتركته ساعة ثم لقَّمته صدر عصفور مُخْلِف، وعيناه منطبقتان، فلما حصل ذلك المقدار في زهركه فتحهما بعد ساعة، وانتظرت به إساغة ما أطعمته، ثم أني أطعمته شقة أخرى، فعبَّرها وتبينت الزيادة فيه، وفي نظره ولم أزل يومي ذلك كلما عبَّر أطعمه أخرى إلى العَتَمة، فبات وعليه شقة، فلما أصبح نظرت إليه وقد فتح عينه وصفت بعض الصفاء، ورأيت ذرقه حسناً جيداً، فأطعمته شقتين من عصفور فعبَّرهما بعد ساعة، وتركته حتى نقي وصفا ذرقه وصح، وطلب الطعم فأطعمته عصفوراً سميناً، منظفاً من ريشه وعظامه، فلما عبَّره قوي وصلب صياحه

<<  <   >  >>