للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كمثل البهيمة تنتج البهيمة هل ترى فيها من جدعاء " (١).

وحديث عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته: "ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا: كل مال نحلته عبداً حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا … " (٢) الحديث.

فهذه الأدلة تدل على أن الخلق مفطورون على الإقرار بالخالق.

ولا شك أن ذلك من رحمة الله تعالى بخلقه ولطفه بهم، إذ غرس فيهم الإقرار بربوبيته، ولذلك فوائد عظيمة، من أهمها: أن عبادة الله تعالى لا تتم إلا بالإقرار بربوبية الله.

ومن المعلوم أن أعظم حقوق الله على عباده وواجباتهم نحوه هو عبادته تعالى. فإذا كان دليل استحقاقها، وهو الربوبية حاضر في النفس مسلم به من العبد، سهل انقياده لهذا الأمر، وهو العبادة.

كما يستدل السلف على ربوبية الله عز وجل بما بثه جل وعلا في الكون من الآيات الظاهرة الباهرة القاهرة، التي تدل على ربوبيته دلالة واضحة صريحة، لا يغفل عنها أو يجحدها إلا أعمى البصر والبصيرة.

فإن السماء وما فيها آية عظمى دالة على عظمة خالقها وموجدها، وما


(١) متفق عليه: أخرجه البخاري كتاب الجنائز، انظر: فتح الباري (٣/ ٢٤٦). وهو في مواضع كثيرة من صحيح البخاري، ومسلم ٤/ ٢٠٤٧. كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، رقم ٢٦٥٨.
(٢) أخرجه مسلم كتاب الجنة، باب ١٦ (٤/ ٢١٩٧)، وأحمد (٤/ ١٦٢).

<<  <   >  >>