للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن قال: بل أمره بتبليغه.

قيل له: فهل بلّغه؟

فإن قال: لا، فقد كفر؛ لاتهامه النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم بعدم تبليغ ما أمره الله بتبليغه، وأيضًا فكيف علمتَها أنت؟

وإن قال: بل بلّغَه.

قيل له: فهل حَفِظَتْها الأمة؟

فإن قال: لا.

قيل له: فأين قول الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩]. الآية تدل على حفظ السنة أيضًا؛ لأن المقصود من حفظ القرآن هو أن تبقى الحجةُ قائمةً والهدايةُ دائمًة إلى يوم القيامة، حتى لا تدعو الحاجة إلى بعث نبي بعد خاتم الأنبياء صلى الله عليهم وسلم.

ولذلك لما قيل لابن المبارك: هذه الأحاديث المصنوعة؟ قال: تعيش لها الجهابذة {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (١). فاحتجَّ بالآية على حفظ السنة من أن يُلْصَق بها ما ليس منها على وجهٍ لا يمكن تمييزه، ونحن نحتجّ بها على حفظ السنة من أن يضيع منها دليل لا يُغني عنه غيره. [ص ٢٣] وأيضًا فكيف علمته أنت؟ !

وإن قال: بل حفظَتْها الأمة.

قيل له: فأوْجِدْنا في الشريعة ذلك.


(١) "تقدمة الجرح والتعديل": (١/ ٣ و ٢/ ١٨).

<<  <   >  >>