للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والبدعةُ المذمومةُ التي سبق تعريفها (١) كلها داخلة في هذا، ولكن من النّاس من يُعْذَر، على ما يأتي إيضاحه في موضعه إن شاء الله تعالى (٢).

ومن هنا تضافرت الأحاديث على ذمها كلها، ومن تلك الأحاديث ما رواه مسلم وغيره من طرق متواترة إلى جعفر الصادق عن أبيه قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: كانت خطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الجمعة: يحمد الله ويثني عليه، ثم يقول بعد ذلك ــ وقد علا صوتُه ــ: "أمّا بعد، فإنّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة" مسلم ج ٣ ص ١١ (٣).

ولولا عِظَم خطر الإحداث في الدين لما كرّر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم هذا الكلام كلَّ جمعة.

وقد اتفق المحققون أنّ المرادَ بالبدعة في هذا الحديث البدعةُ في الدين ــ على ما قدمنا تعريفها ــ ولكن منهم من أدخل فيها ما كان مِنْ هَدْيه صلى الله عليه وآله وسلم بالقوّة، فاحتاج إلى استثنائه من هذا الحديث وغيره من الأحاديث الكثيرة.

ومنهم مَن نَظَر إلى أنّ البدعة لغةً أعمّ من البدعة في هذه الأحاديث، فاحتاج إلى قسمتها إلى الأحكام الخمسة. وقد نصّ هذا الحديثُ وغيرُه [ص ٢٢] من الأحاديث أنّ البدع شر الأمور، وأنّ كلّ بدعة ضلالة. فأقلّ ما


(١) انظر (ص ١٩٧) حاشية رقم (٥).
(٢) (ص ٢١١ - ٢١٢).
(٣) (٨٦٧).

<<  <   >  >>