للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن ابن عباس رضي الله عنهما في المرأة ترتدّ عن الإسلام: تُحبَس ولا تُقتل.

وكلّمني بعض من يذهب هذا المذهب وبحضرتنا جماعة من أهل العلم بالحديث، فسألناهم عن هذا الحديث، فما علمتُ واحدًا منهم سكت عن أن قال: هذا خطأ، والذي روى هذا ليس ممن يُثبت أهلُ العلم حديثَه، فقلت له: قد سمعت ما قال هؤلاء الذين لا شكّ في علمهم بحديثك، وقد روى بعضهم عن أبي بكر أنه قتل نِسوة ارتددن عن الإسلام فكيف لم تصرْ إليه؟ قال: إني إنما ذهبت في ترك قتل النساء إلى القياس ... ".

فكأنّ الشافعي كان متوقعًا البحث في ذاك المجلس في حكم المرتدّة، وعَلِم أن مناظره سيحتجّ بحديث أبي حنيفة عن عاصم، وكره الشافعيّ أن يقول هو في أبي حنيفة ما يسوء القوم، فأحضر الشافعيُّ معه مَن لا نزاع في معرفتهم بالحديث ورُواته؛ حتى إذا جاء ذاك الحديث سألهم ليكون الغضُّ [ص ١٧] من أبي حنيفة منهم، فتقوم حجةُ الشافعي، ويسلم بما يتوقّاه من سوء العشرة.

وأعجب من هذا أن الشافعي حاول الجري على هذه الطريقة بعد أن فارق القومَ ومضت على ذلك مدة، فأثبت الحكايةَ في كتابه على ما مرّ لم يعرض فيها تسمية أبي حنيفة، بل حاول أن يعمِّيه حتى كأنه لا شأن له بذلك الحديث ولا بكلام أولئك الذين حضروا من أهل المعرفة بالحديث.

وقد ذكر البيهقي في "السنن" (٨/ ٢٠٣) حكاية الشافعي، فقال صاحبُ "الجوهر النقي": "أبو رزين صحابي، وعاصم وإن تكلّم فيه بعضهم، قال الدارقطني: في حفظه شيء، وقال ابن سعد: ثقة إلا أنه كثير الخطأ في حديثه.

<<  <   >  >>