ومنهم عتيبة ذو الترس والصيبة، والكوج والشيبة، القول في هؤلاء الكوج لمتبعين للأهواء أنهم أمرق من السهام وأعرف يفرق الصبح عن الظلام إذ هم مجبولون على سهر الليل وتاركين نزيلهم، يدعو بالحرب والويل، وأما عدد سقمانهم فعشرة آلاف، وأما خيلهم فألف، وقد تحمل أرداف ومنهم " ثقيف " ذو العرض العفيف، إلا إن فارسهم في الهيجاء مخيف وهؤلاء بقايا قوم " الحجاج بن يوسف " الذي أخباره مشهورة وحكاياته مسطوره، عددهم ثلاثة آلاف وثمانمائة فارس وهم أشد أهل الحجاز امتناع عن الاستسلام وأصبرهم في الملاحم على مسقوع السهام في الأجسام وإكرامهم النازل.
ومنهم " البقوم " ولكن الحاكمة عليهم امرأة أسمها " غالية " ذات رأي وتدبير وحزم وشجاعة لم يدركها أشد الرجال، وهذه المرأة المذكورة في القلعة المسماة " تربة ".
وأما بلدها فبلد واسعة، أرزاقها تأتيها من الطائف ومن مكة المشرفة ولما توجه إليها الملك المنصور لسعيد السديد محمد علي باشا، أبث الطاعة له والدخول تحت أمره، فبعثت إلى الوهابي تستنجد وتستعينه على مصادمة الوزير وتعرفه بهمته وعزمه، وأنه لا بد منازلها، فبعث الوهابي إليها أخوه " فيصل " في أربعين ألف وأمره بحث عسكره، من أهل الجنوب الماضي ذكرهم فلما قدم " فيصل " إليها بعدده، فإذا هي في أتم التأهب ودخل " فيصل " البلد ومكث بها ثلاثة أيام فإذا الوزير قادم بألف مقاتل وقرب بعضهم من بعض فقال " فيصل " ما ترون من أمرنا وتدبير مالنا هل نقدم عليه قبل قدومه علينا؟ أم نصبر حتى يقدم هو ونعمل له لمتارس والخنادق، فقالوا له رؤساء قومه: إن هذا الوزير نفسه طويل ويومه كسنته فلو مكثت أسبوعاً لم نشعر إلا وحوله مثل عسكرك في أربعين ألف فأستحسن رأيهم.
فزحم الوزير حتى صار عند رمية البندق والخيل بينهم تتجاول.
فأركب الوزير أطوابه عليه عن قرب حتى أضرت فأشاروا عليه رؤساء عسرة أن ترحل من هذا الموضع العالي أي أنزل منه وتستكفي مضرة الأطواب، فأستحسن رأيهم عن الضرورة، فأمر خدامه، فانزلوا خيامه، فلما بصر العسكر بنزولها اصحوا صيحة كبرى، وقالوا وهابي أنهزم. أقبلوا بعزم وطمع حتى خالطوا وأما عسكر الوهابي لما نظروا لنزول لخيام، وغارة العسكر أيقنوا " فيصل " قتل فكل ضرب واجهة من عسكره، ولم يبق من عسكره المذكور إلا عدد قليل فتوجه إلى تربة قاصداً المرأة، فلما علمت بذلة ونصرة الروم عليها أغلقت الأبواب دونه، وأخذت ترميه بالبنادق والأطواب، ففر إلى أخوه منهزماً. وأما هي فاختلفت الأقوال عنها فقيل إنها أخذت مواثيقاً وعهوداً من الوزير على نفسها وملكها وما تملك من آلة الحرب من خيل وركاب وأسلحة وأنه أعطاها على ذلك وبقيت.
والقول الآخر إنها لما أنهزم " فيصل " وأيقنت بالقهر أخذت ماعز وتوجهت إلى بلد الوهابي المساة " الدرعية " والأصح إنها توجهت إليه، وملك الوزير أرضها وديارها وأموالها وأما عدد عساكرها فسبعة عشر ألف ولم يتبعها منهم أحد والله أعلم.
ومنهم " هذيل " ذوو المخارق والويل مساكنهم رؤوس الجبال ولم يتمكن منهم أحاداً لحذرهم وشدة أصالتهم بالرمي ومدامنتهم الحروب فيما بينهم وبين أهل الحجاز وقلما تصطلح عشيرتهم عن المؤاخذ والبغي، وأما عددهم فثمانية آلاف سقماني ولم يكن لهم خيل.
ومنهم " حرب " ذوو الطعن والضرب والكماة في الحرب وهم يفترقون إلى أربع من كل فرقة تهزأ بالأخرى، فالفرقة الأولى تعرف " ببني علي " والأخرى " الفرق " والأخرى " المضائين " " والذائبة " جملة عسكرهم أربعون ألف مقاتل وعشرة آلاف خيال وهم ساكنين في المدينة المشرفة على ساكينها أفضل الصلاة إلى خيبرز وخيبر ثلاثة أيام.
ومنهم " بنو سلول " سقمانهم أربعة آلاف ولا خيل لهم. ومنهم " بنو مخزوم " ذو الفضائل والعزوم واللازم المكرمات والملزوم، القول فيهم أنهم أنوى من الفحام إذا جاءوا وأرفع بناء للعلياء إذا شادوا، وأعلم بمدارج الحيل والمكر وأظرف لبناء الحرب في العز والكر.
عدد سقمانهم عشرة آلاف، وأما فرسانهم فألف وخيلهم خمسمائة ومنهم " حاشد وبكيل " طائفة واحدة تنقسم فرقتان، وهم أهل البذل المعروف وعزة النفس وإكرام النزيل وذو شجاعة وإقدام وأما عددهم فثمانمائة آلاف سقماني وألف خيال.
ومنهم " عدوان " كبيرهم عثمان المضايفي " الذي مسكه عزيز مصر أسيراً وقد مضى ذكره، خمس وعشرون ألف سقماني وثمانية آلاف خيال.