[الفصل الأول]
أولاً:
في ذكر قبائل اليمن وبيانهم
وتشخيص المرجلين منهم وفرسانهم.
منهم ساكني حضرموت وهم: بنو تميم الذين لا يفوتهم في مطالبهم فوت ذوو الشجاعة والأقدام والمنازلة للحروب والصدام، فوارسهم ألف ويزيد وراجليهم أربعة آلاف شاكية السلاح معتمدون طريحهم لا يرجى انتعاشه ومشكيهم لا يؤمل انتعاشه. ومنهم المعرفون بآل كثير ذوو الإقدام الغثير والخيل المعدودة ألف سنابكها، ولراكد النقيع تثير، ورجالهم المعدودون للحماية عددهم ألف وخمسمائة والمشار إليهم أطول باعا في الكرم، وأوفر صيانة للحرم، أكفهم مبسوطة، وجيادهم مربوطة، وضيوفهم محمولة، وسيوفهم مغلولة لا يزعجهم ضدهم، ولا الموت عن مرام يصدهم أولئك المجد عليهم أفوض، وأجتارهم في المكرمات أطول وأعرض.
ومنهم " بنو نهد " ذو العز والمجد والوفاء بالعهد النازلون من العلياء، ارفعها والتاركون مآونيهم بأوصافها، ثم الأنوف كرام الأنفس الآخذين من الثناء الأنفس، باعهم في المجد أطول باع وبقاعهم في الأرض من سائر البقاع أسود إذا كروا رماة إذا فروا جيادهم خمسمائة عددها ألف من الرماة مددها، نعم الكرام إذا انزلوا، ولكن الويل إذا نوزلوا، أحلام إذا غضبوا، أعلام إذا نصبوا، معاولهم أميل ومطاعتهم أعزل، تقول السنة الهجاء والفرسان ناطقة في شأنهم إلا أنهم هم الشجعان.
ومنهم " بنو جعدة " ذوو البأس والشدة والغياث والنجدة جيرانهم محبوبة، ونيرانهم مشبوبة، قاصدهم لا يضل وحاسدهم لا يثل إذا حيل داعي الحرب الزيون أجابته كماة تنذر بوقع المنون كتائبهم خمسمائة فارس، ونصرتها من الراجلين ألف فارس، ذوو صبابة للحرب وكآبة للطعن والضرب، شعارهم الغضب ولكن في الحروب، ودثارهم " اليلب " المعدود لتفريج الكروب.
وهؤلاء أقدم، كما أن وباد رزهم أحجم.
منهم المعروفون بأدهم ذو العز المبهم والحصان الأدهم الذين هم ساق الحرب إذا قامت وغياث السنون إذا صامت النازلين في الهيجاء أيمنها والآخذين من العلياء أثمنها، المنفقى سلع الجود والمنفقى من الموجود، وما ذاك إلا أنهم أحزم، وأتباعهم هذا الصراط في الحقيقة الزم، فكما سلكوا هذه الطريقة المستقيمة وملكوا بطباعهم هذه الشريعة القديمة، جلوا بميادين الحرب قرح، ومالوا لتعاطي الموت فيها كما يتعاطى القدح، وأما عددهم فرساناً، وتشخيصهم إنساناً فإنساناً، فألف ومائتان وألف وخمسمائة إنسان، وأعظم سيرهم في المهمات وأن منهم لمن يشتري الموت بالحياة.
ومنهم الملقبون " الصيعريون " الذين هم في المكرمات سابقون فأوفى أحد بمدحهم ولا وهن زند بقدمهم، ولا خاب آمالهم ولا أغفى على صفقه المغبون عاملهم، قد شمل جودهم العباد وأحيي نداهم السنة الجماد، صدورهم رحاب وأكفهم سحاب ومنادى صريعهم لا يجاب، قد نزلت الحرب عليهم فعجلوا ثراها وأقبلت الكرب إليهم فغصموا عراها يسعدهم على تفريق شمل الأضداد، ألف وخمسمائة رجل وثمانمائة من الصافنات الجياد، شبوا في الحرب وشابوا وخبّوا في طلب العلياء، وما خابوا أحلامهم كالأعلام وأطفالهم كالبدور، ولكن إذا جن، الظلام فيالله فضل جوده، وبيت فخر شيلات لهم إطنابه وما بنوه.
ثانياً:
فصل في ذكر قبائل صنعاء
فمنهم المعروفون بذوي حسين القائمون في اليمن مقام الناظر من العين الذين هم بقية الناشد وضالة الفاقد ذوو الجياد السوابق والرماة الرواشق، جيادهم ثلاثة آلاف ورماتهم خمسة آلاف ومن ذلك أصناف، قد قنع محاربهم بالأدبار وجعله أعظم وسائله الواقية عن العطب لو كان ينفعه الأدبار ما بات جار لهم باهتاً ولا أصبح نار لهم خافتاً، تقلبوا في أعطاف الحيل وانقلبوا بالظفر في أبهى الحلل كم باشروا المصاعب بذعاف الكتائب حتى ثنوها خائبة السعي لا يولها حريب ولا مصاحب ومنهم ذروة المجد، " ذوو محمد " الآخذين الفخر على أقرانهم تعمد الباسطين أكفهم للسائل والواهبين أموالهم قبل المسائل سادوا فجادوا وأبدوا العز فما أعادوا، وأعلوا فباد الحرب لمصادمهم.
وشادوا، جيادهم ألفان، ورحالهم خمسة آلاف ومائتين. قد اكتفوا بمدد السيوف عن عدد الألوف، واسقطوا معانديهم بأقداح المنايا كأس الحقوف، ومع ذلك الشجاعة والتجاوز لهذه البراءة، حلوا بمنازل العفو والصفح وألزموا أنفسهم الأبية عن طريق الخنا مسالك الوفاء والمنح.