البلاد من الأمن والإستقرار ورغد العيش إنما هو من الثواب المعجل على القيام بالدين زادها الله من كل خير وحماها من كل شرور وفق المسلمين جميعا في سائر انحاء الأرض لما فيه عزهم وسعادتهم في دنياهم وأخراهم.
[[العاشر: -كلمة ختامية]]
إن أحاديث المهدي الكثيرة التي ألف فيها مؤلفون وحكى تواترها جماعة واعتقد موجبها أهل السنة والجماعة وغيرهم من الأشاعرة تدل على حقيقة ثابتة بلا شك هي حصول مقتضاها في آخر الزمان ولا صلة البتة لهذه الحقيقة الثابتة عند أهل السنة بالعقيدة الشيعية فإن ما يعتقده الشيعة من خروج مهدي منتظر يسمى محمد بن الحسن العسكري من نسل الحسين رضي الله عنه لا حقيقة له ولا أصل وعقيدتهم بالنسبة لمهديهم في الحقيقة عقيدة موهومة كما أن إمامة الأئمة الماضين عندهم في الحقيقة إمامة موهومة لا حقيقة لها ولا وجود إلا إمامة علي بن أبي طالب وابنه الحسن رضي الله عنهما وهما بريئان منهم ومن اعتقادهم بلا شك أما أهل السنة فمعتقدهم في الماضي حقيقة موجودة وسادات الأئمة عندهم هم الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم وقد تولوا الإمامة حقا وكانوا أحق بها وأهلها ومعتقدهم في المستقبل عند نزول عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم حقيقة ثابتة بلا شك أيضا فلا عبرة بقول من قفا ما ليس له به علم وقال إن الأحاديث في المهدي لا تصح نسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها من وضع الشيعة كما تقدمت الإشارة إلى هذا في أول المحاضرة.
وإذا فإن أحاديث المهدي على كثرتها وتعدد طرقها وإثباتها في دواوين أهل السنة يصعب كثيرا القول بأنه لا حقيقة لمقتضاها إلا على جاهل أو مكابر أو من لم يمعن النظر في طرقها وأسانيدها ولم يقف على كلام أهل العلم المعتد بهم فيها، والتصديق بها داخل في الإيمان بأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن من الإيمان به صلى الله عليه سلم تصديقه فيم أخبر به وداخل في الإيمان بالغيب الذي امتدح الله المؤمنين به بقوله:{الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} وداخل في الإيمان بالقدر فإن سبيل علم الخلق بما قدره الله أمران:
أحدهما: وقوع الشيء فكل ما كان ووقع علمنا أن الله قد شاءه لأنه لا يكون ولا يقع إلا ما شاءه الله وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.