والرسول عليه الصلاة والسلام قال:"لا يزال أمر هذه الامة قائما" ثم جرى بعد ذلك أمور عظيمة حتى اختل نظام الخلافة وصار على كل جهة من جهات المسلمين أمير وحاكم وصارت دويلات كثيرة وفي زماننا هذا أعظم وأكثر.
والمهدي حتى الآن لم يخرج فكيف يصح أن يقال إن الأمر قائم إلى خروج المهدي هذا لا يمكن أن يقوله من تأمل ونظر.
والأقرب في هذا كما قاله جماعة من أهل العلم: أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث "لا يزال أمر هذه الأمة قائما ما ولي عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش" أن مراده من ذلك: الخلفاء الأربعة ومعاوية رضي الله عنه وابنه يزيد، ثم عبد الملك ابن مروان وأولاده الأربعة وعمر بن عبد العزيز هؤلاء اثنا عشر خليفة والمقصود أن الأئمة الاثني عشر في الأقرب والأصوب ينتهي عددهم بهشام بن عبد الملك، فإن الدين في زمانهم قائم والإسلام منتشر والحق ظاهر والجهاد قائم وما وقع بعد موت يزيد من الإختلاف والإنشقاق في الخلافة وتولي مروان في الشام وابن الزبير في الحجاز لم يضر المسلمين في ظهور دينهم فدينهم ظاهر وأمرهم قائم وعدوهم مقهور مع وجود هذا الخلاف الذي جرى ثم زال بحمد الله بتمام البيعة لعبد الملك واجتماع الناس بعد ما جرى من الخطوب على يد الحجاج وغيره وبهذا يتبين أن هذا الأمر الذي أخبر به صلى الله عليه وسلم قد وقع ومضى وانتهى، وأمر المهدي يكون في آخر الزمان وليس له تعلق بحديث جابر بن سمرة، أما كون المهدي يكون عند نزول عيسى فقد قال ابن كثير في الفتن والملاحم: أظنه يكون عند نزول المسيح، والحديث الذي رواه الحارث بن أبي أسامة يرشد إلى هذا ويدل على هذا لأنه قال أميرهم المهدي فهو يرشد إلى أنه يكون عند نزول عيسى ابن مريم كما يرشد إليه بعض روايات مسلم وبعض الروايات الأخرى لكن ليست بالصريحة فهذا هو الأقوم والأظهر ولكنه ليس بالأمر القطعي، أما كونه سيخرج أو يوجد في آخر الزمان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فهذا أمر معلوم والأحاديث ظاهرة في ذلك والحق كما قاله الأئمة والعلماء في ذلك أنه لابد من خروجه وظهوره.
وأما أمر المسيح ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وأمر المسيح الدجال فأمرهما أظهر وأظهر فالأمر فيها قطعي وقد أجمع على ذلك علماء