للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

الشركي، وتحضر الجن لإضلال الناس بذلك، فعلاها خالد بالسيف حتى قتلها، فرجع للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «تلك العزى» (١) المقصود: أن العزى اسم لشجرة كانت في ذلك الموضع، وكان تعلق الناس في الحقيقة بتلك الشجرة، وبالمرأة التي كانت تخدم ذلك الشرك، فلو قطعت الأشجار وبقيت المرأة، فإن المرأة ستغري الناس مرة أخرى بما ستذكره لهم، أو ما تحكيه لهم، أو ما تجيب به مطالبهم عن طريق الجن، فلا يكون الشرك قد انقطع؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تلك العزى» يعني: أن حقيقة العزى هي تلك المرأة التي تغري الناس بذلك الشرك، وإلا فهي شجرة.

وقوله، {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: ٢٠] والأخرى: يعني: الوضيعة الحقيرة، وكانت مناة هذه أيضا صخرة، وسميت مناة؛ لكثرة ما يمنى عليها من الدماء تعظيما لها (٢) ووجه مناسبة الآية للترجمة: أن ما كان يفعله المشركون عند هذه الثلاث، هو عين ما يفعله المشركون في الأزمنة المتأخرة عند الأحجار، والأشجار، والغيران، والقبور ومن قرأ شيئا مما يصنعه المشركون علم غربة الإسلام في هذه البلاد قبل هذه الدعوة، وأن الناس كانوا على شرك عظيم. وإذا تأملت أحوال ما حولك من البلاد التي ينتشر فيها الشرك وجدت من اتخاذ الأشجار


(١) سيرة ابن هشام ٤ / ١٠٩٩.
(٢) أخرجه البخاري (٨ / ٦١٣) وانظر تفسير ابن كثير (٧ / ٤٣٢) والبداية والنهاية (٢ / ١٩٢) ، (٤ / ٣٧) .

<<  <   >  >>