والأحجار آلهة والتبرك بها الشيء الكثير، وأعظم من ذلك اتخاذ القبور آلهة يتوجه إليها، ويتعبد عندها.
ثم ساق - رحمه الله - في الباب حديث أبي واقد الليثي، وهذا الحديث حديث صحيح، عظيم وفيه: أن المشركين كانت لهم سدرة لهم فيها اعتقاد.
واعتقادهم فيها كان يشمل ثلاثة أشياء:
الأول: أنهم يعظمونها.
الثاني: أنهم يعكفون عندها.
الثالث: أنهم كانوا ينوطون بها الأسلحة رجاء انتقال البركة من الشجرة إلى السلاح، حتى يكون أمضى، وحتى يكون خيره لحامله أكثر.
وفعلهم هذا شرك أكبر؛ لأنهم عظموها وعكفوا عندها، والعكوف عبادة؛ وهو: ملازمة الشيء على وجه التعظيم والقربة؛ ولأنهم طلبوا منها البركة، فصار شركهم شركا أكبر لأجل هذه الثلاث مجتمعة.
وبعض الصحابة رضوان الله عليهم ممن كانوا حديثي عهد بكفر وهم الذين قالوا: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، ظنوا أن هذا لا يدخل في الشرك، وأن كلمة التوحيد لا تهدم بهذا الفعل؛ لهذا قال العلماء: قد يغيب عن بعض الفضلاء بعض مسائل الشرك؛ لأن الصحابة وهم أعرف الناس باللغة كهؤلاء الذين كان إسلامهم بعد الفتح: خفيت عليهم بعض أفراد توحيد العبادة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الله أكبر!! إنها السنن، قلتم - والذي نفسي بيده - كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم