آلهة» : فشبَّه عليه الصلاة والسلام هذه المقالة بتلك المقالة، ومعلوم أن أولئك - وهم المذكورون في الآية - عبدوا غير الله، أي: عبدوا الأصنام، وأما أولئك فإنما طلبوا بالقول فقط، فشبّه النبي عليه الصلاة والسلام ذلك القول بقول قوم موسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، لكن أولئك الصحابة لم يفعلوا ما طلبوا، ولما نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم انتهوا، ولو فعلوا ما طلبوا لكان شركا أكبر، لكن لما قالوا وطلبوا دون فعل: صار قولهم شركا أصغر؛ لأنه كان فيه نوع تعلق بغير الله - جل وعلا -.
وهم لا يعلمون أن هذا الذي طلبوه غير جائز، وإلا فلا يُظن بهم أنهم يخالفون أمر النبي صلى الله عليه وسلم ويرغبون في معصيته. وأما شركهم فكان في مقالهم، وأما الفعل: فلم يفعلوا شيئا من الشرك، وهذا الذي قالوه، قال العلماء: وهو شرك أصغر، وليس بشرك أكبر؛ ولهذا لم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بتجديد إسلامهم، ويدل على ذلك قوله:«قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى» فشبّه المقالة بالمقالة، وقد قرر الشيخ - رحمه الله - أنهم لم يكفروا، وقال في المسائل:(إن الشرك فيه أكبر وأصغر؛ لأنهم لم يرتدوا بهذا) .
فالظاهر من هذا الحديث: أن الشرك الأكبر الذي كان وقع فيه المشركون لم يكن راجعا إلى التبرك بذات الأنواط فقط، بتعظيمها، والعكوف عندها، والتبرك بتعليق الأشياء عليها، وقد قلت لك: إن التبرك بالشجر، والحجر، ونحو ذلك، إذا كان فيه اعتقاد أن هذا الشيء يقرب إلى الله، وأنه يرفع الحاجة إليه، أو أن تكون حاجاتهم أرجى إجابة وأمورهم أحسن، إذا تبركوا بهذا