للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

وقوله: {لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - لا شَرِيكَ لَهُ} [الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣] فيه وجه استدلال ثالث على التوحيد، حيث قال: {لَا شَرِيكَ لَهُ} [الأنعام: ١٦٣] يعني: فيما مر، أي لا شريك له في الصلاة، والنسك؛ فلا يتوجه بالصلاة والنسك إلى أحد مع الله - جل وعلا - أو من دونه، وكذلك لا شريك له في ملكه للمحيا والممات، بل هو المتفرد سبحانه بأنواع الجلال، وأنواع الكمال، وهو المستحق للعبادة، وهو ذو الملكوت الأعظم.

قال: وقوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: ٢] [الكوثر: ٢] فأمر بالصلاة، وأمر بالنحر، وإذا أمر به فهو داخل في حد العبادة؛ لأن العبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة. فأمره - جل وعلا - بالصلاة دليل على أنها محبوبة لديه، وأمره سبحانه بالنحر دليل على أنه محبوب له، ومرضي، فتكون الصلاة والنحر إذًا عبادة لله - جل وعلا -.

وعلى التعريف الآخر: إن العبادة: هي كل ما يتقرب به العبد إلى الله - جل وعلا - ممتثلا به الأمر والنهي. ويكون النحر عبادة أيضا؛ لأنه يُعمل تقربا إلى الله - جل وعلا - بامتثال الأمر الوارد فيه.

قال سبحانه {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: ١] [الكوثر: ١] والكوثر هو: الخير العظيم، ومنه النهر الذي في الجنة. والفاء في قوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: ٢] [الكوثر: ٢] هي فاء السببية، والمعنى: أنه بسبب ذلك: اشكر الله - جل وعلا - بتوحيده، بأن صَلِّ لربك الذي أعطاك الخير الكثير، وتقرب إليه بالنحر،

<<  <   >  >>