للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

واللام في قوله: «لعن الله من ذبح لغير الله» معناها: أن من فعل ذلك من أجل غير الله تقربا إليه وتعظيما، فذبح لغير الله تقربا إلى ذلك الغير، وتعظيما له فهو مستحق للعن، وهذا وجه مناسبة هذا الحديث لـ " باب ما جاء في الذبح لغير الله " يعني: من الوعيد وأنه شرك وصاحبه ملعون.

الحديث الآخر وجه الدلالة منه: أن التقريب للصنم بالذبح كان سببا لدخول النار وذلك أن ظاهر المعنى يدل أن من فعله كان مسلما، وأنه دخل النار بسبب ما فعل، وهذا يدل على أن الذبح لغير الله شرك أكبر؛ لأن ظاهر قوله: «دخل النار» يعني: استوجبها مع من يخلد فيها.

وفيه وجه آخر للدلالة: وهو أنه إذا كان تقريب هذا الذي لا قيمة له - وهو الذباب - سببا في دخول النار، فإنه يدل على أن من قرب ما هو أبلغ، وأعظم منفعة عند أهله وأغلى، أنه سبب أعظم لدخول النار.

وقولهم هنا: " قرِّب ": يعني اذبح تقربا، والملاحَظ هنا في هذا الحديث، أنه لم يدل على أنهم أكرهوه على هذا الفعل؛ لأنه قال «مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا» . . فظاهر قوله: «لا يجوزه أحد» يعني أنهم لا يأذنون لأحد بمجاوزته عن ذلك الطريق حتى يقرب، وهذا ليس إكراها؛ إذ يمكن أن يقول: سأرجع من حيث أتيت ولا يجوز ذلك الموضع ويتخلص من أذاهم، فهذا يدل على أن الإكراه بالفعل لم يحصل من أولئك فلا يدخل هذا في قوله: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} [النحل: ١٠٦] [النحل: ١٠٦] لأنه ليس في

<<  <   >  >>