للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

الحديث دلالة - كما هو ظاهر - على حصول الإكراه، وإنما قال: «مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا» . . فما صفة عدم السماح بعدم المجاوزة، هل هي أنه لا يجوزه حتى يقتل أو يقرب؟ أو يجوزه حتى يقرب أو يرجع؟ استظهر بعض العلماء من قتلهم لأحد الرجلين أن المعنى لا يجوزه حتى يقرب، أو يقتل، وأن هذا عُلم بالسياق فصار ذلك نوع إكراه؛ فلهذا استشكلوا كون هذا الحديث دالا على أن من فعل هذا الفعل يدخل النار مع أنه مكره.

والجواب عن هذا الإشكال: أن هذا الحديث على هذا القول وما فيه من عدم إعذار المكرَه ولو بالقتل كان في شرع مَن قبلنا. وأما رفع الإكراه، أو جواز قول كلمة الكفر، أو عمل الكفر مع اطمئنان القلب بالإيمان فهذا خاص بهذه الأمة، هذا ما أجاب به بعض أهل العلم.

وعلى القول الأول الذي قدمناه وهو أن السياق ليس فيه ما يُعين أنهم هددوه بالقتل فيكون الحديث مجملا، فكيف يُحمل الحديث على شيء مجمل لم يعين.

وقوله: «فضربوا عنقه» ليس فيه إشكال، ولا يَرِدُ على ما قلناه؛ لأنهم ربما قتلوا الذي لم يقرب شيئا، لأنه أهان صنمهم بقوله: «ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله - عز وجل -» لهذا استشكل هذا الحديث طائفة من أهل العلم كما سبق وهو بحمد الله ليس بمشكل؛ لأنه إما أن يحمل على أنه فيمن كان قبلنا فلا وجه إذًا لدخول الإكراه، أو يحمل على أنهم لم يكرهوه حين أراد المجاوزة ولكن قتلوه لأجل قوله: «لم أكن لأقرب لأحد شيئا دون الله - عز وجل -» .

<<  <   >  >>