إذن فهذا الباب وهو قوله:" باب ما جاء في الذبح لغير الله " ظاهر في الدلالة على أن التقرب لغير الله - جل وعلا - بالذبح شرك به - سبحانه - في العبادة؛ فمن ذبح لغير الله؛ تقربا وتعظيما؛ فهو مشرك الشرك الأكبر المخرج من الملة.
قال الإمام - رحمه الله -: " باب لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله ". قوله:" لا يذبح لله " هذا على جهة النفي المشتمل على النهي؛ لأن من أساليب اللغة العربية أنه يُعْدَل عن التصريح بالنهي إلى التصريح بالنفي؛ ليدل دلالة أبلغ على أن النفي والنهي معا مقصودان، فكأنه لا يصلح أن يقع أصلا؛ ولهذا أتى بصيغة النفي فقال:" باب لا يذبح لله ".
وقال بعض أهل العلم: يحتمل أن تكون (لا) للنهي، فيكون الفعل المضارع بعدها مجزوما، أي:" باب: لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله
". وقوله:" لله " يعني: أن تكون النسيكة، أو أن تكون الذبيحة مرادا بها وجه الله - جل جلاله -.
" بمكان يذبح فيه لغير الله ": و (الباء) هنا لها معنى زائد على كلمة (في) ، وهذا المعنى الزائد أنها أفهمت معنى الظرفية ومعنى المجاورة جميعا؛ لأن (الباء) تكون للمجاورة أيضا كما تقول: مررت بزيد، يعني، بمكان قريب من مكان زيد، أو بمكان مجاور لمكان زيد، والظرفية بـ (في) نفيد أنه في المكان