للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

نفسه، فاستعمال حرف (الباء) يفيد أنه مجاور لذلك المكان. وهذان المعنيان معا: مقصودان، وهو أنه: لا يذبح لله بمجاورة المكان الذي يذبح فيه لغير الله، ولا في نفس المكان الذي يذبح فيه لغير الله؛ لأنهما بهذا يشتركان مع الذين يذبحون لغير الله - جل وعلا -.

وصورة المسألة: أن يوجد مكان يُذبح فيه لغير الله، كمكان عند قبر، أو عند مشهد، أو عند مكان معظم، واعتاد المشركون التقرب بالذبائح لأصنامهم وأوثانهم في هذا المكان، فإذا كانوا يتقربون في هذا المكان للقبر أو نحوه ويذبحون لصاحبه يعني: من أجله فإنه لا يحل أن يذبح المسلم الموحد في هذا المكان ولو ذبحه خالصا لله - عز وجل -؛ لأنه يكون قد شابه أولئك المشركين في تعظيم الأمكنة التي يتعبدون فيها بأنواع العبادات التي يصرفونها لغير الله - جل وعلا -، فالذبح لله وحده - وإن كان خالصا له - إن كان في المكان الذي يتقرب فيه لغير الله فإنه لا يحل ولا يجوز، ووسيلة من وسائل الشرك.

قال الشيخ - رحمه الله - ورفع درجاته في الجنة: وقول الله تعالى: {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا} [التوبة: ١٠٨] هذا النهي هو عن القيام في مسجد الضرار الذي بناه المنافقون، وقد أقاموه إرصادا، ومحادة لله ورسوله، وتفريقا بين المؤمنين، فهو مكان أقيم على الخيانة وعلى مضادة الإسلام وأهله؛ فلهذا لما كانت هذه هي غاية مَن أقامه فإن مشاركتهم فيه بالصلاة لا تجوز؛ لأنه إقرار لهم أو تكثير لسوادهم، وإغراء للناس للصلاة فيه، فنهى الله - جل وعلا - نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن أن يصلوا فيه.

<<  <   >  >>