ومناسبة الآية للباب ظاهرة: وهي أن الله - جل وعلا - نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مسجد الضرار، ومعلوم أن صلاته عليه الصلاة والسلام، وصلاة المؤمنين معه هي خالصة لله - جل وعلا - دون من سواه، ومع هذا فقد نهوا عن الصلاة فيه، مع أنهم مخلصون؛ ليس عندهم نية الإضرار ولا التفريق ولا الإرصاد، لكن نهاهم عن الصلاة فيه؛ لأجل هذه المشاركة والمشابهة التي قد تغري بإتيان ذلك المكان.
الصورة متحققة وموجودة فيمن ذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله، فإنه وإن كان مخلصا، لكنه قد يدعو إلى تعظيم ذلك المكان بفعله، وإن لم يقصد التعظيم. لكن هنا إيراد: وهو أنه جاء الإذن عن الصحابة بالصلاة في الكنيسة، وقد صلى عمر رضي الله عنه في كنيسة بيت المقدس (١) ومن الصحابة رضوان الله عليهم من صلى في كنائس بعض البلاد فصلاتهم في الكنائس لله - جل وعلا - أليست مشابهة للصلاة في مسجد الضرار أو للذبح في مكان يذبح فيه لغير الله؟
الجواب: أن هذا الإيراد ليس بوجيه؛ ذلك لأن نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مسجد الضرار، وعن الذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله إنما هو: لأن صورة العبادة واحدة؛ فصورة الذبح من الموحد، ومن المشرك واحدة، وهي إمرار السكين وهي: آلة الذبح على الموضع من البهيمة المراد ذبحها، وإهراق دمها في ذلك المكان، والصورة الحاصلة من الموحد ومن المشرك واحدة، ولهذا فإنه
(١) انظر صحيح البخاري باب الصلاة في البيعة وفيه أثر عمر وابن عباس وانظر الإنصاف ج١ / ٤٩٦ والفتاوى ٢٢ / ١٦٢ وأحكام أهل الذمة ٦ / ١٢٣.