لا تمييز بين الصورتين - من حيث الظاهر - وإن اختلفت مقاصدهما فكذلك صلاة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة في مسجد الضرار فيها مشابهة من حيث الصورة لصلاة المنافقين، فرجع الاختلاف إلى اختلاف ما في القلب؛ والنيات، ومقاصد القلوب مما تخفى على الناس، ولهذا تقع المفسدة من حيث اشتباه الصورة الظاهرة، ولا يحصل بذلك الفعل ولو مع خلوص النية مصلحة.
وأما الصلاة في الكنيسة، فإن صورة الفعل مختلفة؛ لأن صلاة النصارى ليست على هيئة وصورة المسلمين، فيعلم من رأى المسلم يصلي أنه لا يصلي صلاة النصارى فليس في فعله إغراء بصلاة النصارى، ومشاركتهم فيها، فهذا هو الفرق بين المسألتين، وهو واضح بأدنى تأمل.
قال: وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: «نذر رجل أن يذبح إبلا ببوانة، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد "؟ قالوا: لا، قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ ، قالوا: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أوفِ بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم» . رواه أبو داود.
وإسناده على شرطهما: هذا الحديث فيه: أن رجلا نذر أن ينحر إبلا ببوانة، و (بوانة) : اسم موضع، فلما نذر أن ينحر في هذا الموضع: استفصله النبي صلى الله عليه وسلم، لأن المقام يقتضي الاستفصال، إذ يتبادر إلى الذهن سؤال عن تخصيص هذا الرجل بوانة بأن ينحر فيها الإبل، فقد تكون لأن فيها عيدا من أعيادهم، أو لأن فيها وثنا من أوثان الجاهلية كان يعبد في ذلك الموضع فهذا هو المتبادر من التخصيص؛ لأنه في الغالب يكون لغرض العبادة؛ ولهذا استفصله النبي عليه