للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

وهذا النوع من الحجاج والاستدلال كثير في القرآن جدا؛ فإنك تجد في القرآن أن أعظم الأدلة والبراهين على المشركين في تقريره إبطال عبادتهم لغير الله، وفي إحقاق عبادة الله وحده دون ما سواه: أنهم يقرون بتوحيد الربوبية، والإقرار بتوحيد الربوبية: برهان توحيد الإلهية. فالله - جل وعلا - احتج في القرآن على المشركين بما أقروا به من توحيد الربوبية، على ما أنكروه من توحيد الإلهية؛ ولهذا قال جل وعلا: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [يونس: ٣١] [يونس: ٣١] يعني: أتقرون بذلك، فلا تتقون الشرك؟ وقد ذكرت أن (الفاء) إذا أتت بعد الهمزة فهي تعطف ما بعدها على جملة محذوفة قبلها دل عليها السياق، فقوله: {أَفَلَا تَتَّقُونَ} [يونس: ٣١] يعني: أتقرون بأن الله واحد في ربوبيته، فلا تتقون الشرك به؟ !! {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ} [يونس: ٣٢] باعترافكم وبإيقانكم {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس: ٣٢] [يونس: ٣٢] ، فهذا النوع من الاحتجاج وهو الاحتجاج عليهم بما أقروا به - وهو توحيد الربوبية - على ما أنكروه - وهو توحيد الإلهية - في القرآن كثير، كالآيات العظيمة في سورة النمل في قوله تعالى: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ - أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} [النمل: ٥٩ - ٦٠] [النمل: ٥٩- ٦٠]

<<  <   >  >>