فقوله:{لَيْسَ لَكَ}[آل عمران: ١٢٨] أي: يا محمد {مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}[آل عمران: ١٢٨] واللام في قوله: (لك) هي لام الاستحقاق، أو لام الملك، يعني: لا تستحق شيئا، أو لا تملك شيئا، يعني: لا تستحقه بذاتك، وإنما بما أمر الله - جل وعلا - وبما أذن به، فتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته فرع عن محبة الله، وتعظيمه جل وعلا، فليس له صلى الله عليه وسلم وراء ذلك شيء إلا ما أذن به؛ كما قال تعالى:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}[آل عمران: ١٢٨] ولو كان له عليه الصلاة والسلام من الأمر شيء لنصر نفسه وأصحابه يوم أحد، ولكن حصل في يوم أحد ما حصل، فأنزل الله قوله:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}[آل عمران: ١٢٨]
وكذلك الحديث الآخر: لما لعن النبي صلى الله عليه وسلم في قُنُوتُ الْفَجْرِ فُلَانا وَفُلَانًا مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ آذُوا الْمُؤمنين أنزل الله قوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}[آل عمران: ١٢٨](١) يعني: لست تملك شيئا من الأمر. وهكذا الحديث الذي بعده.
وهذه الأحاديث تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك شيئا من ملكوت الله. وهو عليه الصلاة والسلام قد بلغ ذلك وبينه، فمن هم دونه عليه الصلاة والسلام منفي عنه هذا الأمر من باب أولى، فالملائكة، والأنبياء والصالحون من أتباع الرسل وأتباعه عليه الصلاة والسلام: أولى بأن ينفى عنهم ذلك، فإذا كان