كذلك بطلت كل التوجهات إلى غير الله - جل وعلا - ووجب أن يتوجه بالعبادات، وأنواع التوجهات من: دعاء، واستغاثة، واستعاذة، وذبح، ونذر، وغير ذلك: إلى الحق -جل وعلا - وحده دون ما سواه.
ثم ذكر الحديث الأخير في الباب، وهو: أنه لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}[الشعراء: ٢١٤] قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر قريش اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا، يا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أغني عنك من الله شيئا، يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا» ، وهذا ظاهر في أن النبي عليه الصلاة والسلام لا يستطيع أن ينفع أحدا من أقربائه إلا بما جعله الله له من الرسالة، وأداء الأمانة، وأما أنه يغني عنهم من الله شيئا، ويدفع عنهم العذاب؛ أو النكال، أو العقوبة: فالله - جل وعلا - لم يجعل لأحد من خلقه من ملكوته شيئا، وإنما هو سبحانه المتفرد بالملكوت والجبروت، والمتفرد بالكمال والجمال والجلال.
مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد - كما ذكرنا سابقا -: أن فيه برهانا على أن المستحق للعبادة هو الله جل جلاله؛ لأنه هو المتصف بصفات الكمال والجلال.
وهذا الباب فيه ذكر لصفات الجلال لله - جل وعلا؛ إذ كل من في السماوات والأرض خائف منه، ووجل؛ لأنه - سبحانه - الجليل؛ ولذلك كان أعرف عمار السماء به هم الملائكة الذين قال الله تعالى في وصفهم:{يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[النحل: ٥٠] وقال - جل وعلا