للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

قوله: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو» : هذا نهي عن الغلو بأنواعه، وأن من قبلنا إنما أهلكهم الغلو؛ أهلكهم من جهة الدين، وأهلكهم - أيضا - من جهة الدنيا، فالغلو سبب لكل شر، والاقتصاد سبب في كل فلاح وخير، والغلو منهي عنه بجميع صوره، في الأقوال والأعمال يعني: في جميع أقوال القلب وأعماله، وكذلك أقوال اللسان وأعمال الجوارح، فالغلو سبب لهلاك العبد في دينه ودنياه.

قوله: " ولمسلم: عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هلك المتنطعون» يعني: هلك الذين تنطعوا فيما يأتون به في أفعالهم، أو أقوالهم، وهم الذين جاوزوا الحد في ذلك، وابتغوا علم شيء أو تكلفوا شيئا، لم يأذن به الله؛ فزادوا عما أذن لهم، وابتغوا علم شيء أو تكلفوا شيئا، لم يأذن به الله؛ فزادوا عما أذن لهم، فأتوا بأشياء، لم يؤذن لهم فيها. والتنطع، والإطراء، والغلو، متقاربة المعنى يجمعها مجاوزة الحد المشروع، والغلو يشمل الإطراء، ويشمل التنطع؛ فكل تنطع، وكل إطراء: غلو، والغلو اسم جامع لهذه جميعا، فالشيخ - رحمه الله - في هذا الباب - بين أن سبب كفر بني آدم، وسبب تركهم دينهم: هو الغلو في الصالحين، بأن جاوزوا الحد فيهم، كما جاوز قوم نوح الحد في صالحيهم، فعكفوا على قبورهم، وألهوها، فصارت آلهة، والنصارى غلت في رسولهم عيسى عليه السلام، وفي الحواريين، وفي البطارقة، حتى جعلوهم آلهة مع الله - جل وعلا - يستغيثون بهم، ويؤلهونهم، ويسألونهم ويعبدونهم، وكذلك وقع الغلو في هذه الأمة من الذين جعلوا للنبي عليه الصلاة والسلام نصيبا من

<<  <   >  >>