للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

لله جل وعلا. فالمسجد يطلق على: كل مكان يتخذ لعبادة الله - جل وعلا - كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا» ، فمكان العبادة يقال له: مسجد. ولهذا قال النبي - عليه الصلاة والسلام - في شأن الكنيسة: «بنوا على قبره مسجدا» ، يعني: مكانا للعبادة فالكنائس - إذا - بنيت على قبور أولئك الصالحين، وصوروا فيها الصور، أي: جعلوا صور الصالحين على قبورهم، أو على حوائط القبور؛ لكي يدلوا الناس على عبادة الله بتعظيم ذلك الرجل الصالح، وتعظيم قبره، فاتخذوا البناء على القبور، الذي هو وسيلة من وسائل الشرك الأكبر، ومن البدع التي يحدثها الخلوف بعد الأنبياء، اتخاذ الصور فوق القبور، والتعبد بها؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم عنهم: «أولئك شرار الخلق عند الله جل وعلا» .

وقوله: «أولئك» : الخطاب فيه لأم سلمة رضي الله عنها، والخطاب إذا توجه إلى مؤنث تكسر فيه كاف الخطاب. وقوله: «أولئك شرار الخلق عند الله» أي: المعظمون الصالحين ببناء المساجد على قبورهم. وليس في هذا الحديث أنهم توجهوا إليهم بالعبادة، بل عظموا قبورهم، وجعلوا لهم صورا، فجمعوا بين فتنتين: فتنة القبور، وفتنة الصور، وفتنة الصور وسيلة من وسائل حدوث الشرك الأكبر، وكذلك فتنة القبور: بالبناء عليها، وبتعظيمها، وبإرشاد الناس إليها، وسيلة إلى أن يعتقد في صاحب القبر أن له شيئا من خصائص الإلهية، أو أنه يتوسط عند الله - جل وعلا - في قضاء الحاجات، كما حصل ذلك منهم فعلا.

<<  <   >  >>