للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

ويتخذون مشاهدهم أوثانا يعبدونها، ويرجونها، ويخافونها، وإذا ضم أحدهم إلى صدره تلك المشاهد، أو الحديد، أو الستور، ونحو ذلك، فكأنه صار مقربا عند الله، وقبلت وسيلته تلك. ولا شك أن هذا نوع من أنواع اتخاذ المشاهد أوثانا، ومن اتخاذ القبور أوثانا، أو اتخاذ الرجل الصالح - الذي هو متبرئ من أولئك ومن عبادتهم له - إلها مع الله، وقد علمنا أن العبادة معناها واسع، وأنها قد تكون بالصلاة له، أو بدعوته، أو بسؤاله كشف المدلهمات، أو جلب الخيرات، أو الذبح لصاحب القبر، أو وضع النذور له، ونحو ذلك من أنواع العبادات، كما هو الواقع من أولئك الذين يعبدون الأوثان، وقبور الصالحين.

قوله: في الصحيح عن عائشة - رضي الله عنها - «أن أم سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال: " أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله» . في هذا الحديث: أن أم سلمة - رضي الله عنها - لما كانت في الحبشة رأت كنيسة، ورأت في تلك الكنيسة صور الصالحين، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح» فقد يكون الرجل الصالح نبيا من أنبيائهم، أو عبدا من عباد الله الصالحين فيهم، فماذا كانوا يفعلون معه؟ جاء في قوله عليه الصلاة والسلام: «بنوا على قبره مسجدا» ، أي: يجعلون قبره مسجدا، والمسجد في اللغة؛ هو: مكان العبادة، فيدخل في هذا المعنى: الكنائس. والمسجد أيضا: مكان السجود. والسجود هو الخضوع والتذلل

<<  <   >  >>