للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

وقوله: " فكيف إذا عبده؟ ": يعني إذا كان هذا التغليظ واللعن قد جاء في حق من اتخذ قبور الأنبياء مساجد، ومن أسرج على القبور، أو عظمها، وعظم من فيها، وعبد الله وحده عندها: إذا كان هذا قد جاءت النصوص بلعن فاعله، وأنه من شرار الخلق عند الله: فكيف إذا توجه ذلك العابد إلى صاحب القبر يدعوه، ويرجوه، أو يخافه، أو يأمل منه، أو يستغيث به، أو يصلي له، أو يذبح له، أو يستشفع به؟ !! لا شك أن هذا أعظم وأعظم في التغليظ من عبادة الله وحده عند قبر رجل صالح؛ كما قال الشيخ - رحمه الله: " فكيف إذا عبده؟ " يعني أن التغليظ يكون أشد وأشد، إذا عبد صاحب ذلك القبر، وهذا مقتضى كلام الشيخ في هذه التبويب. وهذا واضح؛ لأن تحري العبادة والدعاء أو تعظيم ذلك المكان، وسيلة وذريعة إلى الشرك، المقبورين، فإذا كان من فعل وسائل الشرك الأكبر ملعونا، وموصوفا بأنه ومن شرار الخلق عند الله، فكيف بمن فعل الشرك الأكبر بعينه وتوجه إلى قبور الصالحين، واتخذها أوثانا مع الله جل وعلا؟ !! لا شك أن هذا أبلغ وأبلغ في التغليظ، وذلك لأنه من الشرك الأكبر المخرج من ملة الإسلام، إذا فعله مسلم.

ومعنى قوله: " فكيف إذا عبده " أي: عبد القبر، أو عبد الرجل الصالح صاحب القبر؛ لأن عبادة القبوريين تارة تكون بالتوجه إلى القبر، وتارة بالتوجه إلى صاحب القبر، بل وتارة التوجه إلى ما حول القبر، كالأبنية المحاطة بالقبور، وصارت مشاهد، فمنها ما يكون مسورا بالحديد، فترى من هؤلاء من يعمد إلى تلك الستور والجدران والأبنية، فيتمسح بها رجاء بركتها، ويتخذها وسيلة إلى الله، فتراهم - أيضا - يعكفون عند قبور معظميهم،

<<  <   >  >>